دعت الحكومة العراقية أمس تركيا إلى سحب فوري لقواتها التي نشرتها بالقرب من الموصل، بعدما اعتبر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم التدخل التركي انتهاكاً للأعراف الدولية والسيادة الوطنية، فيما قال رئيس الوزراء حيدر العبادي أنه «خرق خطير للسيادة العراقية». غير أن أنقرة سارعت إلى نفي توسيع عملياتها في شمال العراق، وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أمس إن «معسكر بعشيقة (حيث توجد القوات التركية) يبعد 30 كيلومتراً شمال شرق الموصل، وهو معسكر تدريبي أقيم لدعم قوات المتطوعين المحلية التي تقاتل الإرهاب»، نافياً التقارير بأن نشر القوات يعتبر تمهيداً لشن عملية برية ضد «داعش» في الموصل. وأكد داود أوغلو أن المعسكر ليس جديداً وأن تدريب العراقيين فيه بدأ بناء على طلب من مكتب محافظ الموصل وبالتنسيق مع وزارة الدفاع العراقية. وتحدث بيان صدر في بغداد ليل أمس عن استدعاء السفير التركي للاحتجاج على نشر القوات وطلب سحبها فوراً. وفي غضون ذلك ظهرت بوادر انقسام في شأن القوات المكلفة تحرير نينوى، وفيما يترأس المحافظ السابق للمدينة أثيل النجيفي قوة أمنية باسم «الحشد الوطني» مدعومة من تركيا، يترأس اللواء الركن نجم الجبوري قيادة عمليات نينوى بدعم من الحكومة العراقية. وقلل الأكراد من أهمية الخطوة التركية، مؤكدين أنها جاءت في إطار عمليات يشارك فيها الأتراك لتدريب مقاتلين أكراد سنة في المنطقة. لكن وزارة الخارجية العراقية قالت في بيان إن «الوزارة سبق وأكدت أن أي حملة عسكرية تركية لا تتم بالتنسيق مع الحكومة الاتحادية مرفوضة تماماً». وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية قالت إن حوالى 150 عسكرياً تركياً وصلوا مساء الجمعة إلى محيط الموصل، مع 20 إلى 25 دبابة، في إطار مهمة لتدريب القوات الكردية العراقية المتحالف مع أنقرة، فيما قال مسؤولون أتراك إن هذه القوة دخلت بدلاً من قوة تركية موجودة في مدينة بعشيقة منذ أكثر من عامين. وقال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، سفين دزيي، «في إطار التعاون مع التحالف الدولي ضد الإرهاب، فتحت الحكومة التركية نهاية العام الماضي معسكرين تدريببين، أحدهما في سوران بأربيل والثاني في قلاجولان في السليمانية، لتدريب قوات البيشمركة. وفي الوقت نفسه، تم فتح مركز آخر لتدريب القوات العراقية قرب الموصل، وتم تقديم الدعم العسكري لهذا المعسكر أيضاً». وأضاف «بهدف توسيع هذا المعسكر، قامت تركيا بإيصال المختصين والمعدات اللازمة في الأيام القليلة الماضية». والمقصود بالمعسكر الأخير معسكر «زلكان» الذي تتدرب فيه قوات «الحشد الوطني» المؤلفة من مقاتلين من العرب السنة المناهضين ل «داعش» في الموصل. لكن وسائل إعلام تركية أفادت بوجود انتشار تركي على نطاق أوسع في العراق. وذكرت صحيفة «حرييت» في صفحتها الأولى أن «تركيا أنشأت قواعد في منطقة بعشيقة في الموصل تضم 600 جندي». وقالت الصحيفة أن اتفاقاً أُبرم مطلع الشهر الماضي بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير خارجية تركيا في هذا الشأن عندما قام بزيارة إلى أربيل. ومن الطبيعي أن يلقى اتفاق من هذا القبيل معارضة شديدة من الحكومة الاتحادية، لا سيما أنه أبرم من دون موافقتها. ويأتي الانتشار التركي بعد أيام من إعلان واشنطن إرسال قوات برية إضافية إلى العراق حيث يتمركز أكثر من 3500 جندي أميركي، للمساعدة في تنفيذ عمليات محددة ضد «داعش». وتسببت التصريحات الأميركية بإحراج للعبادي بسبب معارضة أطراف موالية لإيران لوجود هذه القوات.