قاعدة مارز (العراق) - أ ف ب - اعتاد الكولونيل تشارلز سكستون الذي شارك في حرب الخليج الثانية على القول أمام جنوده أن من السابق لأوانه معرفة ما سيذكره التاريخ عن التدخل في العراق. ويروي الضابط (48 سنة) بينما يجلس في مكتبه في قاعدة «مارز» في ضاحية الموصل تفاصيل زياته الأخيرة لفرنسا مع زوجته شاتو تييري، الى الشرق من باريس، حيث يرتفع النصب التذكاري تكريماً لتضحيات الفرقة الثالثة للمشاة في الجيش الأميركي خلال الحربين العالميتين. وقال: «انه (النصب) رائع ومذهل فقد تم الحفاظ عليه في شكل تام، لكن لدى مغادرتنا البلدة شاهدنا لافتة كتب عليها المقبرة الألمانية وهي مدافن عادية لا تلقى العناية اللازمة». والضابط الذي شارك في اخراج القوات العراقية من الكويت شتاء عام 1991، لا يتوانى عن توجيه سؤال إلى جنوده عن «الذكرى التي ترغبون في تركها هنا». وأنهت القوات الأميركية أمس مهمتها القتالية في العراق بعد أن اجتاحته عام 2003، وسيبقى حوالى خمسين ألف جندي لتقديم المساعدة للجيش العراقي الفتي حتى عام 2011. وكان سكستون ومساعده الكولونيل بريان لوك ما زالا في ريعان الشباب عندما شاركا في عملية عاصفة الصحراء عام 1991 وكان الأول برتبة نقيب والآخر مساعده. وتابع: «سأكون صريحاً معك، لم نكن نعرف شيئاً عن العراق»، لكنه عبر عن اعتقاده بأن العراقيين سيتذكرون الجنود الأميركيين في شكل إيحابي قبل 16 شهراً من مغادرتهم النهائية لهذا البلد. وتختلف المهمة الجديدة للجيش الأميركي في العراق وعنوانها «الفجر الجديد» عن مهامه التي طبقها بعد الاجتياح ، خصوصاً إبان العامين 2006 و 2007 عندما بلغت أعمال العنف الطائفي ذروتها بمقتل عشرات الآلاف. وكانت القوات الأميركية حينذاك تتولى المهام الأمنية بمفردها لأن الجيش العراقي كان في طور التدريب ومن دون معدات كافية. وكانت التعزيزات الإضافية في عديد القوات الأميركية مطلع عام 2007 لمحاربة الانفلات الأمني أسفرت عن خفض أعمال العنف التي فاجأت الضباط والجنود. وما زال الكولونيل لوك (44 سنة) يتذكر كيف اعتقد لوهلة لدى مغادرة وحدته العسكرية العراق مطلع عام 2004 أن «عملية تبديلها ستكون الأخيرة». أما سكستون الذي كان برتبة لفتنانت كولونيل عام 2003، فقال: «كنا قادرين على مغادرة البلد قبل عامين أو ثلاثة لو لم يتسبب المتمردون بالمعاناة. انه أمر مثير للاهتمام أن يطلب منا العراقيون البقاء مدة أطول. وهذا لم يكن ليحدث عام 2006 لكنهم ينظرون إلينا في شكل مختلف الآن». ورأى أن «الجيش والشرطة والقوات الأمنية العراقية تشهد مزيداً من التحسن يوماً بعد يوم». لكن أجوبة الضابطين كانت مبهمة رداً على سؤال عن ثمن الحرب التي أوقعت حوالى عشرات الآلاف من العراقيين و4400 جندي أميركي. وقال لوك: «من المبكر جداً الرد، هناك فصول أخرى يجب كتابتها حول مستقبل هذا البلد». أما سكستون فقال: «بإمكاني فقط القول انه لم يكن هناك مستقبل للعراقيين مع صدام حسين، أما اليوم فان الفرصة باتت سانحة على الأقل».