منذ أن وافق الكونغرس الأميركي بغالبية ساحقة على قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» والذي يعرف اختصاراً باسم «جاستا» أواخر الشهر الماضي، انفجرت ردود الأفعال والعربية الرسمية وغير الرسمية، ليصبح القانون في مرمى موقع التدوينات القصيرة «تويتر». ويسمح القانون لأشخاص بمقاضاة دول بما فيهم المملكة العربية السعودية أمام المحاكم الأميركية على خلفية أحداث ال 11 من أيلول (سبتمبر). ويمنح استثناءً من مبدأ الحصانة السيادية في قضايا الإرهاب على الأراضي الأميركية. ووصف وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد بن محمد أل خليفة القانون بأنه «السهم الذي أطلقه نواب الكونغرس على الولاياتالمتحدة»، موجهاً إليهم تساؤلاً عبر «تويتر» قائلاً: «أليس منكم رجل رشيد؟!» وقال رجل الاعمال القطري عادل علي بن علي، على حسابه في «تويتر» انه «قبل قانون جاستا، وقبل وجود الارهاب، وقبل وجود شيء اسمه كونغرس، وقبل أميركا، وقبل أن يبحر كولمبوس ويكتشفها.. السعودية موجودة وباقية وستبقى بحول الله». وعلق رئيس نادي ملقا الاسباني، عبد الله نهيان ال ثاني على القانون قائلاً انه «مع كامل احترامي للشعب الأميركي، لكن إذا أرادت الحكومة الأميركية تطبيق قانون العدالة ضد رعاة الأرهاب، فيجب أن تتطبقها على نفسها أولاً». وأفاد الكاتب الصحافي عضو مجلس إدارة جمعية كتاب الرأي السعودي محمد الاحيدب أنه «بحسب دلائل وأدلة كشفت عن هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، بما فيها ما طرحه ديفيد بوك، فإن الولاياتالمتحدة عليها أن تستخدم قانون جاستا ضد إسرائيل وإيران ونفسها». ونشر الاعلامي القطري خالد جاسم على حسابه في «تويتر» صورة للملك فيصل -رحمه الله- وأخرى من صحيفة سعودية تعلن في حقبة السبعينات من القرن إبان الحرب العربية – الإسرائيلية قرار وقف تصدير النفط إلى الولاياتالمتحدة بسبب دعمها لتلت أبيب في مواجهة مصر وسورية، قائلاً: «دار التوحيد ستبقى منارة وقبلة المسلمين، وستظل داراً للسلام شامخة بشعبها، ومن أراد اختبار صبرها فعليه قراءة التاريخ جيداً». أما الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة، فكتب ان «العالم يتغير على كل صعيد. استهداف الولاياتالمتحدة للسعودية بقانون جاستا، يؤكد أن النظريات التقليدية القديمة في السياسة، باتت عاجزة عن تفسير ما يحصل». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما استخدم حق «الفيتو» ضد قرار الكونغرس، غير أن المجلس رفض نقض أوباما. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يصوت فيها النواب الأميركون ضد الرغبة المعلنة للرئيس الأميركي منذ أن تولى مقاليد حكمه في البلاد. وتوالت ردود الفعل المنتقدة لقانون «جاستا»، وكان أكثرها حدة قيام الناطق باسم البيت الأبيض بمقارنة أعضاء الكونغرس بأطفال التمهيدي بعد تصريحهم بأنهم تسرعوا في التصويت على القانون، ولم يعلموا بعواقب إقراره، فيما تناقل الإعلام الأميركي قيام سيدة برفع دعوى قضائية ضد السعودية وهي أرملة وأم لطفلة ضابط البحرية باتريك دن الذي قتل في الهجوم الذي استهدف البنتاغون في 11 أيلول (سبتمبر). وتوقع «قانونيون» أميركيون أن تطول قضايا قانون «جاستا» سنوات طويلة وتبقى رهن المحاكم، كما ستواجه عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول (سبتمبر) وغيرها ممن قد يسعون إلى مقاضاة حكومات أجنبية متهمة بدعم الإرهاب في الولاياتالمتحدة عقبات قانونية كبيرة على رغم تحسن موقفهم بعد إقرار القانون الذي يسمح برفع مثل هذه الدعاوى. وعلى رغم أن قانون «جاستا» يستهدف اعتداءات 11 سبتمبر، إلا أنه قد يتعداها لقضايا أخرى تمس دولاً عدة، تأتي إيران في مقدمها، إذ تواجه أحكاماً قضائية متعددة تكلفها دفع تعويضات قيمتها 46 بليون دولار، نتيجة أكثر من 30 قضية مرفوعة ضدها، كما تطالب بالتعويض عن عمليات إرهابية أخرى متهمة بدعمها تتجاوز 21 بليون دولار، أى أن المبالغ الإيرانية المحتجزة من الإدارة الأميركية لن تكفي لتسديدها.