وعد علماء بريطانيون بتأصيل نوع جديد من القمح وإنتاجه قادر على مواجهة الطلب حتى منتصف القرن الجاري، على الاقل، عندما سيتضاعف الطلب بنسبة خمسين في المئة من مستوى الانتاج الحالي البالغ 650 مليون طن. وتوصل العلماء الباحثون الى فك رموز الخريطة الجينية لنبتة القمح، مستنتجين انه «اصبح ممكناً تربية النبتة لتصبح قادرة اكثر على مواجهة التغيرات المناخية والصمود في اوقات شح المياه ومن ثم انتاج كميات اكبر من الحبوب التي تمثل الغذاء الرئيس لثلث سكان العالم، قبل الرز والصويا والذرة». وتتوقع منظمة الاغذية والزراعة الدولية (الفاو) ان يرتفع الطلب على القمح في السنة 2030 الى نحو 850 مليون طن. ولا يمكن مواجهة هذا الطلب الا باللجوء الى وسائل زراعية حديثة او باستعجال زراعة القمح المعدل جينياً وزيادة كمياته تحسباً من ارتفاع كبير في سعره، ما قد يمنع وصوله الى الفقراء، وليصبح «طعام الاغنياء فقط». ونجح الباحثون في وضع خريطة الطاقم الوراثي الفريد لصنف يعرف باسم «القمح الربيعي الصيني»، ما اتاح للعلماء والشركات المعنية بتربية القمح الاطلاع على 95 في المئة من جملة جينات القمح. ويُعتقد بأن الكشف الجديد سيساعد في تأمين تقنيات جديدة للزراعة والري لانتاج محاصيل عالية أكثر مقاومة لعوامل الطبيعة ومواجهة خطر أزمة الغذاء العالمية. ويصل سعر طن القمح حالياً، بعد ارتفاعه مراراً اثر ازمة الغذاء بين 2007 و2008، وإثر تضرر المحاصيل في دول مثل روسيا وكازاخستان وأوكرانيا، الى 400 دولار للطن وقد يرتفع اكثر لاحقاً. وقال انتوني هول رئيس وحدة الباحثين في جامعة ليفربول «ان انتاج اصناف متنوعة من القمح والحبوب اصبح ضرورياً لمواجهة امكانات ارتفاع الطلب بنسبة 50 في المئة حتى منتصف القرن». وأضاف ان «المعلومات التي توصلنا اليها ذات قيمة كبيرة في معالجة مشكلة نقص الغذاء عالمياً ونحن بحاجة الآن الى إعداد برامج تربية تكفي لتغذية العالم خلال السنوات المقبلة». وأشار البروفسور مايك بيفن من مركز جون انيز في جامعة نوريش، والذي شارك في الأبحاث «ان ما وجدناه او اكتشفناه سيساعد في زيادة الانتاج وحتى في المساعدة على توفير محصول مضاعف، او حتى خلال فترتين من السنة». ولاحظ هول «ان البيانات الخاصة بالتسلسل الجيني لصنف القمح الربيعي الصيني الذي اختاره العلماء كصنف مرجعي، ستمكّن الباحثين من التفرقة بين مختلف الأصناف ذات الصفات الانتاجية العالية التميز. وسنستطيع البدء، من خلال فهم الفروق الوراثية بين الاصناف ذات الصفات المختلفة، باستنباط سلالات جديدة من القمح العالي الانتاجية والاكثر مقاومة للجفاف وظروف الملوحة». والقمح هو الصنف الاخير ضمن سلسلة المحاصيل الغذائية الرئيسة التي استكمل رصد خريطتها الجينية قياساً الى الخرائط المتعلقة بالرز والذرة مثلاً، وهي نباتات ذات شفرة وراثية ابسط كثيراً. وقال هول انه وأعضاء الفريق البحثي استعانوا بأجهزة فك الشفرة الجينية الخاصة بإحدى الشركات السويسرية للمستحضرات الدوائية بمراجعة الخريطة الجينية الكاملة للقمح خمس مرات. وأُجريت الدراسة بتمويل من مركز ابحاث شبه حكومي خصص 1.7 مليون استرليني للأمر على مدى خمس سنوات. وقال رئيس المركز دوغ كيل «ان ارتفاع اسعار الحبوب في الفترة الاخيرة اكد لنا العيوب الكبيرة في نظام حفظ الامن الغذائي في العالم». ووفق خريطة المنتجين في العالم تحتل الصين المركز الاول بإنتاج 113 مليون طن تليها الهند بنحو 77.5 مليون طن ثم روسيا بنحو 58 مليون طن والولايات المتحدة بنحو 55.14 مليون طن وتحتل كازاخستان المركز العاشر الاخير ب14 مليون طن، بعد كندا وباكستان وأستراليا وأوكرانيا وتركيا التي تنتج 18 مليون طن.