أحيل ملف اشتباكات محلة برج ابي حيدر في بيروت التي جرت بين مسلحين من «الجمعية الخيرية الاسلامية» (الاحباش) ومسلحين من «حزب الله»، الى الشرطة العسكرية لإجراء التحقيقات الاولية بإشراف مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي سامي صادر. ولم يجر حتى الآن توقيف اي متورط بهذه الاحداث، وتشمل التحقيقات التي تقوم بها الشرطة العسكرية بإشراف القاضي صادر تحليل صور فيديو التقطتها كاميرات مراقبة في مكان الاشتباك، ومواصلة الاستماع الى الشهود وإجراء مسح للأضرار الجسيمة في الممتلكات وإحصاء عدد الجرحى والقتلى. «الأحباش» في دمشق وزار وفد من جمعية «المشاريع الخيرية الاسلامية» (الاحباش) دمشق أمس، ووصف القيادي في الجمعية النائب السابق عدنان طرابلسي الزيارة بأنها «من ضمن زيارات التواصل مع المسؤولين السوريين، وأكد الوفد أن إشكال برج أبي حيدر فردي وغير مفتعل». وقال طرابلسي ل «الحياة» ان الزيارة «كانت مقررة قبل حصول الهجوم الذي استهدف مكاتبنا ومراكزنا ومؤسساتنا من جانب عناصر غير منضبطة من حزب الله، لكن ما شهدته بيروت استحوذ على اهتمام الإخوة في سورية». ونقل طرابلسي عن كبار المسؤولين السوريين «استياءهم مما حصل باعتباره امراً مرفوضاً ولا يجوز ان يؤدي حادث فردي الى حال الفوضى والفلتان، لا سيما ان جمعية المشاريع وحزب الله هما على تواصل دائم وتعاونهما استراتيجي». وأوضح «اننا اكدنا للإخوة في سورية ان ما حصل بدأ بحادث فردي لكنه تطور الى هجوم من جانب عناصر غير منضبطة وهذا يستدعي محاسبة المسؤولين عنه ونحن ننتظر التحقيق الذي باشرته مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني». وقال طرابلسي: «الاجتماعات بين جمعية المشاريع وحزب الله تتواصل برعاية النائب الاول لمدير الاستخبارات العميد عباس ابراهيم وما يهمنا جلاء الحقيقة وتحديد المسؤولية ازاء كل ما حصل، ونحن من جانبنا على تعاون مع قيادة الجيش ووضعنا بتصرفها ما لدينا من معلومات وأدلة بما فيها الصور التي التقطتها الكاميرات الموجودة امام عدد من مراكزنا». وسأل طرابلسي: «الحادث وقع بين شخصين لكن لا نعرف لماذا حصل كل هذا الاستنفار ومن اعطى الاوامر للهجوم على مراكزنا؟ وهل المطلوب منا الصمت على ما لحق بنا من اذى تجاوز جمعية المشاريع الى اهلنا في بيروت التي هي للجميع ويجب علينا حمايتها بوحدتنا لأنها الشرط الاول لوأد الفتنة؟». وأكد طرابلسي ان «موقفنا من المقاومة ومن حزب الله معروف ونحن مع تحرير آخر شبر من الاراضي اللبنانية المحتلة من جانب اسرائيل، لكن هل ان ما حصل في بيروت يخدم توجهنا المشترك ضد عدونا؟ وبالتالي لا بد من محاسبة كل من اساء الى الحزب، خصوصاً ان لا خلفية سياسية للحادث الفردي ونحن مع دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى رص الصفوف والتصدي للفتنة السنية - الشيعية، لكن هل ما حصل يخدم ما يقوله باستمرار؟». وقال طرابلسي في مداخلة متلفزة: «من الطبيعي ان نزور العاصمة السورية ونقابل المسؤولين الكبار على كل المستويات لأن العلاقة بين لبنان وسورية لم تنقطع يوماً. وأكدنا للسوريين أن الحادث فردي وغير مفتعل وأننا حريصون على المقاومة ودعمنا إياها». وشدد على أن «حزب الله اكد في اجتماع عقد امس (اول من امس) أن هذا الموضوع لن يتكرر»، مؤكداً «ثقتنا بالجيش اللبناني الذي بدأ تحقيقاته في الحادث ونحن متجاوبون معه لإنهاء هذه القضية». وجدد طرابلسي القول ان «حادث برج أبي حيدر فردي وغير مخطط له»، موضحاً انه «حصل نتيجة سوء تفاهم بين شخصين وانطلقت الشرارة، ما ادى الى اطلاق الرصاص في شكل عشوائي». وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان اطلع من وزير الداخلية زياد بارود الذي زاره في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، على مسار التحقيقات في شأن اشتباكات بيروت والخطوات التي اتخذتها وزارة الداخلية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. واطلع سليمان من المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة على الوضع الامني ايضاً وعمل الجهاز في هذه المرحلة. وشيع «حزب الله» امس مسؤوله الامني في برج ابي حيدر الذي سقط في الاشتباكات محمد فوزي فواز الملقب ب «أبو تراب» من أمام «مجمع خاتم الأنبياء» في النويري باتجاه مستشفى الرسول الأعظم في الضاحية، ومن هناك انطلق موكب التشييع في الثانية بعد الظهر الى بلدته تبنين التي انتظر أهلها وصول جثمان فقيدهم في ساحة البلدة التي رفعت على شوارعها لافتات سود ورايات «حزب الله» الصفر. وتقدم المشيعين مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية حسن فضل الله والنائبان السابقان محمد برجاوي وأمين شري، وقدم قاووق التعازي باسم الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله وطالب «الأجهزة الأمنية والقضائية بالتحقيق الجدي والعادل والسريع لكشف ملابسات هذه الحادثة المفجعة والأليمة». واعتبر «ان الذين يستغلون الحادثة الأليمة والمفجعة بالتحريض والكلام المسموم والتوتير السياسي فإنهم انتهازيون يقتاتون على الفتنة وآخر ما يعنيهم الاستقرار والوحدة الوطنية»، مشيراً الى «ان ما حصل هو فوق الاستغلال الرخيص». وأكد ان «حزب الله» يتعاطى «بكل مسؤولية من الموقع الأخلاقي والحس الإنساني والحرص الوطني لأجل المعالجة وأثبت انه كان ولا يزال وسيبقى احرص الناس على السلم الأهلي والاستقرار الداخلي وهو دوماً السباق إلى حماية الوحدة الوطنية».