دخل الرئيس الأميركي باراك أوباما في مواجهة شرسة مع الكونغرس، بعد أن نفذ تعهده وأبطل قانون «العدالة ضد الإرهاب»، الذي وافق عليه مجلسا الشيوخ والنواب وكان سيجيز لضحايا اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وعائلاتهم مقاضاة السعودية. وبعد استخدام أوباما «الفيتو» رقم 12 في رئاسته، من المتوقع أن يصوت الكونغرس على مشروع القانون الأسبوع المقبل، الذي يحتاج إلى 67 صوتاً في مجلس الشيوخ، و290 في مجلس النواب (غالبية الثلثين) لكسر «فيتو» أوباما. وفي حال تجاوز الكونغرس «الفيتو»، تكون هذه المرة الأولى في رئاسة أوباما التي يتم فيها ذلك. وحذر أوباما في رسالة إلى مجلس الشيوخ الأميركي من أن إقرار القانون يؤثر في حصانة الدول ويشكل سابقة قضائية خطرة بنزع الحماية السيادية. وألمح أوباما إلى أن المشروع في حال صار قانوناً ولم يبطله كان يمكن أن يعرض موظفي الحكومة الأميركية العاملين في الخارج لمخاطر ويفتح باب الدعوات القضائية ضد أميركا في قضايا متعلقة بضربات جوية أو اتهامات بتعذيب سجناء وشن غارات في اليمن وباكستان. وقال: «أتفهم رغبة عائلات (الضحايا) في تحقيق العدالة، وأنا عازم على مساعدتهم في هذا الجهد». لكنه أضاف أن التوقيع على هذا القانون «سيكون له تأثير ضار على الأمن القومي للولايات المتحدة». إلى ذلك، أعلن نواب من الحزبين أمس تأييدهم للمشروع بينهم السناتور الديمقراطي تشاك شومر وزعيمة الأقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي، إلا أن آخرين بينهم كريس كونز والسناتور هاري ريد أبدوا رغبة للاستماع إلى وجهة نظر البيت الأبيض الداعية لرفض المشروع جملة وتفصيلاً. وندد المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يشير باستمرار إلى ضعف أوباما ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في المسائل المتعلقة بالإرهاب، بهذا «الفيتو». وقال: «إن ما قام به الرئيس أوباما من منع آباء وأمهات وزوجات وأطفال أولئك الذين فقدناهم في ذلك اليوم الرهيب من إغلاق هذا الفصل المؤلم من حياتهم هو وصمة عار». ولحقت كلينتون ترامب بتأكيدها أنها ستوقع على المشروع في حال وصولها الرئاسة. من جهته، أوضح الخبير في معهد دول الخليج العربية في واشنطن ستيفن ساش ل«الحياة» أن «التداعيات الاستراتيجية الكبيرة» على الولاياتالمتحدة في حال نزع الحصانة السيادية ورفع دعاوى ضد دول أجنبية هي الدافع الأكبر وراء «فيتو» أوباما. وحذر الخبير من أن تحويل المشروع إلى قانون وإبطال «فيتو» أوباما، سيعني إفساح المجال أمام وابل من المعارك القانونية ضد الولاياتالمتحدة على خلفية غارات أميركية من دون طيار في اليمن وباكستان والعراق وغيره. ويعتبر ساش وهو سفير سابق في اليمن، أن هكذا دعاوى إلى جانب الكلفة الاقتصادية على السعودية وأميركا من المشروع ستؤذي البلدين، وستضع «سفراء ودبلوماسيي واشنطن في عين العاصفة القضائية».