نفّذ الرئيس الأميركي باراك أوباما تعهده وأبطل قانون «العدالة ضد الإرهاب» الذي وافق عليه مجلسا الشيوخ والنواب وكان سيجيز لضحايا اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وعائلاتهم مقاضاة السعودية. وشكّل هذا القانون، بحسب الرئيس الأميركي، «ضرراً على الأمن القومي» للولايات المتحدة. واستخدم أوباما الفيتو ال12 في رئاسته ناقضاً التشريع ليلة الجمعة- السبت بعد موافقة مجلسي النواب والشيوخ عليه. وحذّر أوباما من أن هذا التشريع يؤثر على حصانة الدول ويشكّل سابقة قضائية خطيرة بنزع الحماية السيادية منها. ولمح أيضاً إلى أن التشريع، في حال صار قانوناً ولم يبطله، كان يمكن أن يعرّض موظفي الحكومة الأميركية العاملين في الخارج لمخاطر ويفتح باب الدعاوى القضائية ضد أميركا في قضايا متعلقة بضربات جوية أو اتهامات بتعذيب سجناء وشن غارات في اليمن وباكستان. وقال الرئيس الأميركي في رسالة إلى مجلس الشيوخ الذي سيصوّت مرة أخرى الأسبوع المقبل على التشريع: «أتفهّم رغبة عائلات (الضحايا) في تحقيق العدالة، وأنا عازم على مساعدتهم في هذا الجهد». لكنه أضاف أن التوقيع على هذا التشريع «سيكون له تأثير ضار على الأمن القومي للولايات المتحدة». وعلى الفور، ندد المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب بهذا الفيتو، علماً أنه يشير باستمرار إلى ما يصفه ب «ضعف» أوباما ومنافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون في المسائل المتعلقة بالإرهاب. وقال ترامب إن «ما قام به الرئيس أوباما من منع آباء أولئك الذين فقدناهم في ذلك اليوم الرهيب وأمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم من إغلاق هذا الفصل المؤلم من حياتهم هو وصمة عار». ولحقت كلينتون بترامب وأكّدت أنها ستوقع على التشريع في حال وصولها إلى الرئاسة. وباستخدامه الفيتو، يدخل أوباما في مواجهة شرسة مع الكونغرس الذي من المتوقع أن يصوّت على التشريع الأسبوع المقبل. ويحتاج الكونغرس إلى 67 صوتاً في مجلس الشيوخ و290 في مجلس النواب (أي غالبية الثلثين) لكسر فيتو أوباما. وفي حال تجاوز الكونغرس الفيتو، ستكون هذه المرة الأولى في رئاسة أوباما التي يتم فيها ذلك. وأعلن نواب من الحزبين الجمهوري والديموقراطي أمس، تأييدهم للتشريع وبينهم السناتور الديموقراطي تشاك شومر وزعيمة الأقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي. إلا أن آخرين بينهم كريس كونز والسناتور هاري ريد أبدوا رغبة في الاستماع إلى وجهة نظر البيت الأبيض الداعية إلى رفض المشروع جملة وتفصيلاً. وقال الخبير في معهد دول الخليج العربية في واشنطن ستيفن ساش ل «الحياة» إن «التداعيات الاستراتيجية الكبيرة» على الولاياتالمتحدة في حال نزع الحصانة السيادية ورفع دعاوى ضد دول أجنبية هي الدافع الأكبر وراء فيتو أوباما. وحذّر الخبير من أن تحويل التشريع قانوناً وإبطال فيتو أوباما سيعني إفساح المجال أمام وابل من المعارك القانونية ضد الولاياتالمتحدة على خلفية غارات أميركية من دون طيار في اليمن وباكستان والعراق وغيرها. واعتبر ساش، وهو سفير سابق في اليمن، أن مثل هذه الدعاوى إلى جانب الكلفة الاقتصادية على السعودية وأميركا من المشروع ستؤذي البلدين وستضع «سفراء واشنطن وديبلوماسييها في عين العاصفة القضائية». وفي رد فعل على قرار أوباما، قالت تيري سترادا، التي قتل زوجها في مركز التجارة العالمية في نيويورك، لوكالة «فرانس برس» إن أفراد عائلات الضحايا «مصدومون ومصابون بخيبة أمل». وأكدت تصميمها على العمل من أجل أن يتحرك الكونغرس حيال هذه المسألة.