وصفت منظمة التعاون الإسلامي التشريع الذي أقره الكونغرس الأميركي، المعروف باسم «قانون 11 سبتمبر»، بقصر النظر، وعدم الفهم، وتسييس القوانين. ودعت أعضاء الكونغرس إلى إعادة النظر في قرارهم، وسحب مشروع هذا القانون لأنه يهدد، ليس فقط السلم والأمن الدوليين، ولكن أيضاً الاقتصاد العالمي الرخو. وقال خبراء ومسؤولون أميركيون سابقون ل «الحياة» إن رفع الحصانة السيادية من واشنطن ضد دولة أخرى قد يبادر بالمثل ويفتح الباب أمام دعاوى قضائية ضد أميركا وديبلوماسييها ترتبط بضربات الطائرات من دون طيار في باكستان أو العراق أو اليمن. وأشار المسؤول الأميركي السابق والخبير في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ستيفن ساش، ل «الحياة»، إلى أننا في موسم انتخابي يشمل عدداً كبيراً من نواب الكونغرس. في حين قال الخبير من معهد وودرو ويلسون أندرو تابلر ل «الحياة»، إن «حال الهستيريا ضد السعودية والتي خلقتها شخصيات مثل السناتور السابق بوب غراهام والسناتور كريس ميرفي وأيضاً خطاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب هيأت لهذا التشريع». وقال ساش، وهو سفير أميركي سابق في اليمن، إن «التداعيات الاستراتيجية الكبيرة» في حال نزع الحصانة السيادية ورفع دعاوى ضد دول أجنبية هي الدافع الأكبر وراء فيتو أوباما المرتقب. ويفسر الخبير تداعيات ذلك بإفساح المجال أمام وابل من المعارك القانونية ضد الولاياتالمتحدة تستهدف غارات أميركية من دون طيار في اليمن وباكستانوالعراق وغيره. ويعتبر ساش أن هكذا دعاوى ستضع «سفراء وديبلوماسيي واشنطن في عين العاصفة، وخصوصاً في حال كانوا قد وافقوا على هكذا ضربات». وأوضح الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني أمس، أن إقرار «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» من شأنه أن يعرقل العلاقات الدولية، ويضعف التحالفات التي تعزز السلام والأمن في جميع أنحاء العالم، ويفكك الحرب على الإرهاب. وذكَّر برأي رئيس المحكمة العليا الأميركية جون روبرتس في قضية «كيوبل» ضد شركة «رويال دتش» للنفط (2013)، الذي حذر فيه من خطورة تدخل الهيئات التشريعية في السياسة الخارجية، لافتاً -بحسب وكالة الأنباء السعودية- إلى أن مثل هذا التدخل يؤدي إلى تمزق الأعراف والمبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، وإلى المعاملة بالمثل في ما بينها، وأن للقانون الأميركي سلطانه في حدود وطنه، وليس له أن يحكم العالم. وأضاف مدني إن لأميركا دوراً عالمياً وحيوياً وأساسياً بما يتفق مع مكانتها، بوصفها قوة عظمى، من أجل تعزيز السلام والأمن على امتداد العالم، مشيراً إلى أن هذا الدور لا يتم من دون التعاون وتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية في دول العالم الأخرى، ومن دون الحفاظ على اقتصاد عالمي مستقر ومزدهر، ونظام مالي دولي متماسك. وحذر من إقرار القانون، لأنه سيؤدي إلى حال من الفوضى والانفراد المتعسف في التشريعات الدولية، مشيراً إلى أن العبث السياسي للكونغرس، وتجاهل تبعات زعزعة الأعراف التي استقر عليها العالم المتحضر، توجه خاطئ يخلو من المنطق. وأعرب عن أمله بأن تسود الحكمة، وأن يُعيد الكونغرس النظر في قراره، ويسحب مشروع هذا القانون، مؤكداً أنه يهدد، ليس فقط السلم والأمن الدوليين، ولكن أيضاً الاقتصاد العالمي الرخو. من جهة أخرى، أعرب مجلس الشورى السعودي عن بالغ القلق والأسف لإصدار التشريع، لمخالفته الواضحة للمبادئ الثابتة في القانون الدولي، وبخاصة مبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول. وأكد رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ، في تصريح باسمه ونيابة عن أعضاء المجلس، أن هذا التشريع يعد سابقة خطرة في العلاقات الدولية، لأنه يشكل انتهاكاً لمبدأ راسخ في القانون الدولي، وهو مبدأ حصانة الدول من الولاية القضائية، الذي يشدد على عدم جواز إخضاع الدولة لولاية قضاء دولة أجنبية، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في أكثر من مناسبة. وعبر عن الأمل بألاّ تعتمد الإدارة الأميركية هذا التشريع، لأنه في حال اعتماده سيفتح الباب على مصراعيه للدول الأخرى لإصدار تشريعات وقوانين مشابهة. وأشار إلى أن هذا التشريع ربما يكون سبباً في دعم التطرف المحاصر فكرياً، إذ يمنح المتطرفين ذريعة جديدة للتغرير بأفكارهم المتطرفة. الى ذلك، أعربت الحكومة الأردنية أمس، عن قلقها من تبعات القانون الذي أقره الكونغرس، ونبهت من «الانعكاسات السلبية على التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب في هذه المرحلة التي تتطلب أعلى مستويات التنسيق والعمل المشترك».