يسود اعتقاد الأوساط السياسية في مصر بأن العلاقات مع الولاياتالمتحدة الأميركية ستشهد «مراجعة إيجابية» فور انتخاب الرئيس الأميركي الجديد، بعد فتور شديد اعتراها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013. هذا الاعتقاد مرده «الود اللافت» الذي بدا خلال لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب في نيويورك على هامش حضور الأول اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، و «التفاهم» على «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال لقاء السيسي مع المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون. وتوقع سفير مصر السابق في واشنطن عبدالرؤوف الريدي أن تشهد العلاقات المصرية - الأميركية «مراجعة بعد انتخاب رئيس أميركي جديد، في ظل المتغيرات التي تحدث في منطقة الشرق الأوسط، وبعد أن بات خطر الإرهاب والهجرة غير المشروعة يهدد أوروبا وأميركا أيضاً». وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أبدى «فتوراً واضحاً» خلال مصافحة عابرة مع الرئيس المصري على هامش حضورهما قمة الدول العشرين التي عقدت هذا الشهر في الصين. وعلقت واشنطن جزءاً من المساعدات العسكرية المقدمة للقاهرة التي تقدر بنحو 1.3 بليون دولار، في تشرين الأول (أكتوبر) 2013، رداً على عزل مرسي، لكن التعليق انتهى تدريجياً. وبدا من لقاء السيسي مع ترامب أن العلاقات بين القاهرةوواشنطن ستشهد تحسناً كبيراً إذا انتخب المرشح الجمهوري الذي كان تعهد التعاون مع الرئيس المصري من أجل مكافحة الإرهاب قبل لقائه، ثم أغدق الثناء على سياساته وسماته الشخصية بعد اللقاء. كما نقلت الرئاسة المصرية عن ترامب «تقديره للسيسي والشعب المصري على ما قاموا به دفاعاً عن بلادهم بما حقق مصلحة العالم بأكمله»، في إشارة إلى عزل مرسي، وتأكيده أن الولاياتالمتحدة ستكون تحت إدارته «صديقاً وحليفاً قوياً يمكن لمصر الاعتماد عليه». وتحدث البيان المصري طويلاً عن خطر الإرهاب، فيما لم يأت على أي ذكر لقضايا حقوق الإنسان والديموقراطية التي طالما عكرت العلاقات بين البلدين. أما في ما يتعلق بلقاء السيسي مع كلينتون، فلم ينقل البيان المصري عن المرشحة الأميركية أي حديث، واكتفى بالقول إن اللقاء شهد «تأكيداً على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية». ونقل حديث السيسي إلى كلينتون عن «التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر» و «إتمام استحقاقات خريطة الطريق بنجاح، وإرساء المبادئ الواردة بالدستور في شأن الفصل بين السلطات» و «جهود مصر لضمان وحماية حقوق الإنسان والحفاظ على الأمن والاستقرار، وإعلاء سيادة القانون ودولة المؤسسات، وتبني أجندة واسعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية». وتحدثت حملة كلينتون عن إثارتها خلال اللقاء قضايا احترام سيادة القانون والتضييق على المجتمع المدني وحقوق الإنسان، إضافة إلى قضية المحتجزة آية حجازي التي تحمل الجنسية الأميركية. وبعد أيام من اللقاءين، وصف ترامب السيسي ب «الشخص الرائع». وقال: «كان الاجتماع (معه) رائعاً وقضينا وقتاً طويلاً، وكانت هناك كيمياء جيدة في الاجتماع. كان هناك شعور طيب بيننا». تفضيلات القيادة المصرية ظهرت أيضاً بعد اللقاءين، فعندما سُئل السيسي في حوار مع شبكة «سي أن أن» الأميركية عما إذا كان يرى أن كلينتون ستكون رئيساً موفقاً، أجاب بأن «الأحزاب هنا لا تسمح للمرشحين بالوصول إلى هذا المستوى إلا إذا كانوا مؤهلين لقيادة دولة بحجم الولاياتالمتحدة». لكن حين سُئل عما إذا كان يرى أن ترامب سيكون قائداً قوياً، أجاب: «لا شك في ذلك». وإن كانت تلك التصريحات والآراء المتبادلة تُمكن من استجلاء المواقف، إلا أن الموقف الرسمي يظل الوقوف على مسافة واحدة من كلا المرشحين، ما يعكس «القاعدة الديبلوماسية الطبيعية المعمول بها في مثل تلك المواقف»، كما يقول السفير السابق عبدالرؤوف الريدي. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن السيسي لم يعلن دعمه لترامب، موضحاً أن «القرار في النهاية يعود إلى الشعب الأميركي، لكن كلا المرشحين قادر على قيادة الولاياتالمتحدة». وكان الناطق باسم الرئاسة علاء يوسف قال إن مصر تتعامل على قدم المساواة مع المرشحين للرئاسة الأميركية. وتوقع الريدي حدوث «مراجعة للسياسة الخارجية الأميركية إزاء مصر والمنطقة». ورأى أن «لقاء الرئيس السيسي مع المرشحين جيد جداً، خصوصاً أن المنطقة تمر بفترة قلقة، ومرحلة تغيرات كبيرة». وأضاف أن «العلاقات المصرية - الأميركية ستتوقف كثيراً على من سيكون الرئيس الأميركي، لأن لكلا المرشحين فلسفة مختلفة. اعتقادي بأنه سيكون هناك تغيير، وأتوقع مراجعة للسياسة الخارجية الأميركية بمجيء أي منهما، لكن لو أتى ترامب سيكون أكثر تفهماً للموقف والوضع في مصر».