موجات اعراس متمردة على الصيف وحرارته تلك التي يشهدها العراق في هذا الفصل الحار المغبر. ويلعب اصدقاء العروسين دور البطولة في التهيئة للعرس ومتابعة المستلزمات الرئيسة ابتداء من وليمة حفلة الزفاف وانتهاء باختيار السيارة المزينة التي يزف بها العروسان من منزل اهل العروس الى بيت الزوجية. والعريس الذي ينشغل بدفع النقود منذ اليوم الاول للخطوبة حتى آخر يوم قبل زفافه غالباً ما ينعم بيوم مريح في آخر ساعات العزوبية بعدما يتطوع اقرب الاصدقاء لمتابعة قضية قاعة العرس ويهيِّئ سيارة «ابهة» من النوع الحديث والتي غالباً ما تكون سيارة أحد الأصدقاء أيضاً. ففي بلد ذي طابع عشائري مثل العراق، لم تزدهر أعمال مكاتب تنسيق الأعراس ولا تمنح ذلك الدور الذي تتمتع به في بقية البلدان، اذ يتركز ثقل الإعداد للعرس على الاصدقاء والأهل. وتعتمد العروس على صديقاتها في اختيار مصفف الشعر والألوان المناسبة لبشرتها فيما يهتم العريس بهندامه وسط اجواء احتفالية شبابية لا تخلو من المرح والإلفة والتعاون. ويتبادل غالبية الاصدقاء الأدوار في مثل هذه المناسبات فمن يتزوج اولا يقوم بخدمة اصدقائه العزاب في ليلة وداع العزوبية ليتحول الأمر الى واجب على عاتق الاصدقاء يتناوبون عليه الى حين دخول الجميع القفص الذهبي. وعلى رغم الدور الكبير الذي تلعبه العائلة في حياة العروسين ابتداء بالخطبة الى تحديد المهر واختيار الشبكة الا ان هذا الدور يتضاءل لاحقاً لدى الشباب الناضجين الذين يتمتعون باستقلالية معينة ويتزوجون في سن الثلاثين وبعدها. ففي مثل هذه السن يعتمد العروسان على أصدقائهما في شكل أساسي لجهة تجهيز مستلزمات الاحتفال والمساعدة في تأثيث منزل الزوجية حتى ان بعض أثاث المنزل غالباً ما يكون هدايا مقدمة سلفاً من الاصدقاء. اما المتزوجون الصغار والذين يخضعون للمسؤولية قبل وصولهم الى سن الرشد فإن المسؤولية الأكبر في إعداد زواجهم تقع على كاهل العائلة التي تشرف على كل التفاصيل بدءاً من الاتفاق على تزويج الاولاد وانتهاء بزفافهم الى منزل الزوجية الذي غالباً ما يكون في مثل هذه السن غرفة صغيرة في بيت اهل العريس. ويعاني غالبية المراهقين الذين يتزوجون قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة مشكلات قانونية كبيرة بعد الزواج اذ يقوم هؤلاء بعقد قرانهم خارج المحكمة بسبب امتناع المحاكم العراقية عن تزويج القاصرين. وغالباً ما تكون هذه الخطوة بداية لمشكلات لاحقة، فالقانون العراقي لا يسمح بمنح الجنسية للاطفال الناتجين من هذا الزواج فيطالب المتزوجين بعقد مدني. وفي هذه الحال يلجأ هؤلاء الى حيلة قانونية تتمثل برفع الزوجة قضية على زوجها تتهمه فيها بإجبارها على عقد القران خارج المحكمة للتمكن من الحصول على قرار من القاضي بالسماح لها بتوثيق زواجها في السجلات الرسمية للدولة وعقد قرانها مجدداً داخل المحكمة مقابل اجبار الزوج على دفع غرامة مالية. وكلما تأخر الزوجان في توثيق مثل هذا القران تعقدت الامور أكثر... فأحياناً تأتي سيدات الى المحكمة يحملن طفلا او اثنين لتثبيت زواجهن!