تساوى الساحل اللبناني والجبل أمس، في معدلات الحرارة المرتفعة والتي تجاوزت الاربعين درجة، ما أدى الى اندلاع حرائق أتت على مساحات كبيرة من الاحراج والبساتين. وترافقت الحرارة المصحوبة برياح شرقية جافة مع انقطاع غير مسبوق للتيار الكهربائي تساوت معه ايضاً كل المناطق، ما رفع وتيرة الاحتجاج الشعبي، وترجم الناس نقمتهم قطعاً للطرق وحرقاً للإطارات عند أكثر من تقاطع حيوي للأحياء والى المطار تحديداً. وأبرز نقاط الاحتجاج المتنقل كانت ليل اول من امس على الاوزاعي - طريق المطار القديمة، وتحديداً قرب مستشفى الرسول الاعظم، اذ نزل ما يزيد عن 150 من الشبان الغاضبين وقطعوا الطريق لجهة مستشفى الرسول الاعظم - مطعم الساحة - الاوزاعي بعد أن أجبروا ركاب إحدى حافلات النقل التابعة لشركة «زنتوت الصاوي» على النزول منها ووضعوها في عرض الطريق لاقفالها وهم يرددون شعارات ضد القطع المتمادي للتيار الكهربائي عن مناطقهم. وسجلت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) وجود عدد من المقنعين مع المتظاهرين للمرة الاولى. وعلى الفور تدخلت عناصر مكافحة الشغب لمساعدة الجيش اللبناني على تفرقة المحتجين وتمكنت بعد استقدام تعزيزات الى منطقة الاوزاعي، من إعادة فتح الطريق وأزالت الباص الذي وضعه المحتجون في وسطه بعد تفريقهم. وسيّرت دوريات متواصلة في منطقتي الاوزاعي وطريق المطار لمنع إعادة قطع الطريق وتسهيل مرور المواطنين الى الجنوب ومن المطار وإليه. وأقدم مجهولون على إشعال إطارات وإقفال طريق المصنع - شتورة فجر أمس، إحتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي. وعملت دورية من عناصر قوى الأمن على إخماد الحريق وفتحت الطريق. وفي حاصبيا تداعت فاعليات المنطقة الى اجتماع موسع في دار البلدية، بحثت خلاله أزمة المياه والكهرباء المستفحلة التي تعاني منها حاصبيا والقرى المحيطة والتي طاولت ايضاً المستشفى الحكومي ومعظم المؤسسات الرسمية في البلدة. واستعرض المجتمعون مشكلة التقنين الحاد والعشوائي في التيار الكهربائي، اضافة الى ضعفه والذي وصل الى ما دون ال 120 من اصل ال 220 فولت، ما أدى الى تعطيل واحتراق عشرات المعدات الكهربائية المنزلية ومضخات محطة مياه الشفة عند نبع الحاصباني، ليسجل نقص كبير في كمية المياه التي تزود منازل حاصبيا ومؤسساتها الرسمية والخاصة ومنها مستشفى حاصبيا الحكومي. وشكا مدير المستشفى الحكومي حسام خير الدين «من انقطاع المياه عن المستشفى ومن ضعف التيار الكهربائي الذي ادى الى تعطيل العديد من معدات المستشفى وحال دون تشغيل المعدات الأخرى». ولوّح المجتمعون ب«خطوات تصعيدية، تصل الى حد الإعتصام، وصولاً الى قطع الطرقات احتجاجاً». حرائق آب وكان الطقس الحار تسبب باشتعال الحرائق في الأحراج الجبلية، وتواصلت الجهود امس من قبل الجيش اللبناني والدفاع المدني والاهالي والناشطين البيئيين، للسيطرة على نيران الحرائق المتنقلة التي شملت مناطق عكارية عدة من القبيات الى السماقية وديردلوم والحصنية وضهر حدارة وصولاً الى غابات منطقة مشمش على تخوم منطقة الضنية. وقدرت المساحات التي التهمتها النيران بعشرات الهكتارات من الاراضي الحرجية والمشجرة بالاشجار المثمرة لا سيما الزيتون. ولم تتمكن آليات الدفاع المدني من بلوغ موقع النيران، كما كان من المتعذر على الطوافات العسكرية التحليق ليلاً فوق المنطقة. فتولى الاهالي وعناصر من الجيش مهمة التصدي للنار بوسائل بدائية وتمكنوا من السيطرة عليها مع ساعات الفجر. وتناثر رماد الحرائق فوق أكثر من ثلاثين قرية وبلدة في منطقتي الشفت والقيطع في عكار، وغطى الدخان فضاء واسعاً ما دفع بالأهالي الى اقفال ابواب ونوافذ منازلهم في وقت كان التيار الكهربائي مقطوعاً مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة والرياح الجافة. وأعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه ان وحدات الجيش المنتشرة عملانياً عملت بمؤازرة طوافات تابعة للقوات الجوية اللبنانية، وبالاشتراك مع عناصر الدفاع المدني، على إخماد حرائق شبت على الشكل الاتي: - في منطقة الجنوب: حولا، تل النحاس، الدوير، الشرقية، يحمر، الطيري وعيناتا. - في منطقة الشمال: مشمس، الضنية، بيت علو، وادي عين المحلات، دير دلوم، بخعون والواطية. - في منطقة جبل لبنان: مستيتا، مشمش/ جبيل، بعقلين، البرجين والمعنية. وقدر البيان المساحات المتضررة بنحو 396 دونماً من الاشجار المثمرة والحرجية والاعشاب اليابسة، ولفت الى ان حريق بيت علو - وادي عين المحلات - دير دلوم بقي مشتعلاً. طوارئ وطالب عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي عمار في حديث لاذاعة «الرسالة» الحكومة ب«إعلان حال طوارىء في لبنان من أجل حل أزمة الكهرباء»، داعياً إلى «عقد جلسة عاجلة لمجلس الوزراء لدرس سبل حل الأزمة»، مشدداً على «وجوب تنفيذ حلول موقتة وسريعة من أجل المواطنين». واستغرب عمار «تعاطي الحكومة مع هذا الملف الحساس»، داعياً المسؤولين إلى «فتح آذانهم جيداً وسماع أصوات الناس الصائمين والمرضى والاطفال». ودعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الحكومة إلى «وضع اليد على الجرح في معالجة أزمة الكهرباء التي باتت مشكلة وطنية ما يحتم على الحكومة إعلان حالة طوارئ لإيجاد حل سريع للمعضلة». وانتقد عضو «كتلة التضامن» النيابية أحمد كرامي في بيان كلام وزير الطاقة جبران باسيل عن ازمة الكهرباء، وقال: «بدل أن يصرف «الوزير الفذ» والاستثنائي في تاريخ الجمهورية، جهوده لحل ازمة الكهرباء لا سيما أنه طلب من مجلس الوزراء سلفة بقيمة ستة بلايين ليرة بحجة إجراء دراسات لحل أزمة الكهرباء، فوجئنا به يطل عبر شاشات التلفزة التي تستهويه كل يوم، يوجه الاهانة صراحة الى أهلنا الصابرين على غدر الزمن بوجود أمثاله في الحكم، مصنفاً المناطق اللبنانية جهارة بين مسيحية وإسلامية، مستعيداً مفردات الحرب البغيضة التي توافق اللبنانيون على نبذها». وتوجه الى باسيل قائلاً: «يا معالي الوزير الفذ، إذا كنت متربعاً على كرسي الوزارة باسم تيار سياسي نحترمه، فإننا لن نسمح لا لك ولا لغيرك بالتطاول على أهلنا الذين صنفت مناطقهم بالاسلامية، لأنهم قوم يشكلون المرتكز الاساسي للجمهورية اللبنانية مع سائر اخوانهم اللبنانيين، من قبل ان تولد انت».