توقّع تجار حديد أن تشتعل المنافسة بين الشركات السعودية المصنِّعة والمنتجة للحديد والتجار المستوردين، في ظل انخفاض عالمي في الطلب على الحديد، وتراجع الأسعار، مؤكدين أن تدخل وزارة التجارة من شأنه أن يحدّ من هذا الأمر خصوصاً أن الشركات الوطنية في الخليج ومصر بدأت الشكوى من إغراق الأسواق المحلية بالحديد المستورد، مشيرين إلى أن الوزارة تدرس هذا الأمر. وأوضحوا ل«الحياة» أن الشركات المحلية تعمل على المحافظة على الأسعار الجارية مخافة أن تدخل في دوامة من التخفيضات التي تؤدي إلى خسارتها، خصوصاً أنها ترى في الأسعار الحالية منطقة تعادل بين الربح والخسارة، مشيرين إلى أن شركة حديد «سابك» التي تبلغ حصتها في السوق من المنتجات النهائية 62 في المئة بعد زيادة إنتاجها ب 7 في المئة، لم تستطع تحقيق أرباح في النصف الأول، وتعمل على إبقاء الأسعار كما هي. وقالوا إن تصريحات نائب الرئيس الرئيس التنفيذي لشركة «سابك» المهندس محمد الماضي، في نيسان (أبريل) الماضي، من أن قطاع صناعة الحديد التابع ل«سابك» لم يحقق أرباحاً خلال الربع الأول من العام 2010، بسبب القرارات التي اتخذت في تثبيت الأسعار لفترة طويلة على رغم الارتفاع في أسعار المواد الخام، وأن أول زيادة أعلنت في آذار (مارس) الماضي، ثم تبعتها زيادة جديدة في 12 نيسان (أبريل) ب700 ريال للطن، لم تكن كافية لتحقق للشركة أرباحاً. وأوضح أيمن قصيباتي مدير توزيع في شركة حديد سعودية أن «السوق السعودية تشهد تنافساً كبيراً، وأصبح العرض في هذه الفترة أكبر من الطلب»، مؤكداً أن البيع، خصوصاً للمستورد يتم بأقل من السعر الذي حددته وزارة التجارة. وأشار إلى أنه من الصعب التحكم في الأسعار في ظل سوق مفتوحة للمنافسة، مضيفاً أن المستهلك يريد أن تنخفض الأسعار في فترات الوفرة الإنتاجية وقل الطلب، كما ترتفع في أوقات قلة الوفرة وزيادة الطلب. من جانبه، أوضح الاقتصادي السعودي نظير العبدالله أن السوق العالمية تعاني ركوداً شديداً في الحديد أثر في أسعاره، ودفع بالشركات العملاقة المنتجة للحديد في العالم إلى إعلان حال «الأزمة»، مضيفاً أن الأزمة العالمية التي حدثت في 2006، 2007 دفعت بكثير من الشركات المنتجة إلى تبني خطط تطويرية تزيد من إنتاجها، مؤكداً أن كثيراً من هذه الخطط دخلت الإنتاج الفعلي في 2010، ما زاد من إنتاج الشركات بنسب كبيرة، وأضيف إليها استمرار حال الركود العالمي، وعمليات التقشف التي قام بها كثير من الدول في العالم وفي مقدمها دول أوروبية كبيرة. وأضاف: «على المستوى المحلي بلغ إنتاج شركة حديد سابك من الصلب الخام خلال النصف الأول من عام 2010 نحو 2.6 مليون طن، وهو ما يشكل زيادة ب 19.5 في المئة عن إنتاج الفترة نفسها من عام 2009، وانعكست هذه الزيادة في إنتاج الصلب الخام على إنتاج كل من العروق التي حققت نمواً بلغ 81.1 في المئة، وإنتاج البلاطات التي زاد إنتاجها خلال النصف الأول من عام 2010 بنحو 22.2 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2009». وتابع العبدالله: «كما زادت «سابك» إنتاجها من المنتجات الطويلة خلال النصف الأول من العام 2010 بنسبة 6.7 في المئة، إذ وصل رقم الإنتاج من القضبان والأسلاك إلى 1.650 مليون طن، كما زادت إنتاجها من المنتجات المسطحة المدرفلة على الساخن بنسبة 39 في المئة، ومن المنتجات المدرفلة على البارد بنحو 26 في المئة ومن المنتجات المطلية والمغلفنة بنحو 19 في المئة، وبلغ إجمالي إنتاج حديد سابك من المنتجات النهائية الطويلة والمسطحة نحو 2.4 مليون طن، في مقابل 2.1 مليون طن، أي بزيادة 14.2 في المئة، وهي أعلى الزيادات التي تم تحقيقها خلال السنوات الأخيرة». واستطرد يقول: «حدثت زيادات مماثلة في شركات محلية كبيرة مثل حديد «الراجحي» التي بلغ إنتاجها من حديد التسليح خلال النصف الأول من العام 2010 نحو 404 آلاف طن أي بزيادة 9.6 في المئة من إنتاج الفترة نفسها من عام 2009، ويُشكل هذا الرقم أكثر من 50 في المئة من إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركة من حديد التسليح والتي تبلغ 750 ألف طن سنوياً». وأشار العبدالله إلى أن هذه الزيادة في الإنتاج المحلي ترافقت مع تراجع الطلب المحلي الذي يشهد تراجعاً في النصف الثاني من العام. أما أستاذ الاقتصاد الدكتور عبدالعزيز القحطاني فرأى أن السوق السعودية تغطي النقص من الحديد من خلال الاستيراد، وقد اتخذت وزارة التجارة خلال السنوات الماضية مجموعة من الإجراءات التي تدعم الاستيراد، مضيفاً أن المستوردين عملوا على إنجاز المطلوب منهم خلال الفترة الماضية، وأنهم مجبرون على التعاطي مع الفترة الحالية بمتطلباتها،إذ يدفعهم انخفاض الأسعار في بلد المنشأ إلى خفض أسعارهم للحصول على المستهلك. ولفت إلى أن تراجع الطلب ليس في السعودية فقط، وإنما في العالم عموماً، إذ سجلت صادرات منتجات الصلب التركية في الأشهر الخمسة الأولى من السنة 2010 انخفاضاً بنسبة 18 في المئة دون الكمية المتدنية أصلاً المسجّلة في الفترة المقابلة من العام 2009، الأمر الذي دفع تركيا إلى القول ب«خطورة الوضع»، مطالباً وزارة التجارة بالنظر إلى الوضع الحالي من خلال ثلاثة أطراف، وهم: الشركات المحلية، والمستوردون، والمستهلك، والقيام بخطوات تراعي هذه الأطراف. وأوضح أنه من المهم ملاحظة أن شركة حديد سابك لديها عقود المشاريع الحكومية التي تضمن مستهلكاً لمنتجها، في حين قد لا تجد الشركات الأخرى والمستوردون هذا الزبون في الفترة الحالية، إذ يلجأون إلى خفض الأسعار. وقال إن ملامح أزمة بين المستورد والمحلي بدأت بالتشكل، إلا أنها ستكون واضحة بعد ثلاثة أشهر، وستكون أوضح بعد هذه الفترة إذا استمر تراجع الطلب المحلي والعالمي على الحديد، وستكون عندها خيارات وزارة التجارة محدودة.