وسط كم المسلسلات المعروضة طوال شهر رمضان الكريم، يُفترض انتشار المسلسل الديني في قنوات خصوصاً تلك التي دشنها أصحابها فقط للعرض «الحصري» لدراما رمضان. وعلى رغم أن كل طرف من أطراف العملية الفنية من ممثلين ومنتجين ومسؤولين حكوميين وأصحاب قنوات يلقي بالمسؤولية على الآخر في اختفاء الدراما الدينية، الأكيد أن هناك شبه اتفاق على خروج العمل الديني في شكل «آمن» من حلبة السباق. فالمنتجون يسعون طوال العام وراء كبار النجوم للحصول على توقيعهم من دون وجود نصوص فعلية مكتوبة. وهو ما ينطبق على أصحاب القنوات الفضائية الذين يدخلون شركاء في انتاج مسلسلات لنجوم يضمنون من وراء وجودهم استقطاب أكبر كمية ممكنة من الإعلانات عن مياه غازية وزيوت وهواتف نقالة وغيرها. أما مسؤولو الإنتاج في التلفزيون المصري الذي يفترض أن يتصدى قبل أي جهة أخرى لإنتاج هذه الأعمال لقدرته على توفير أماكن التصوير والتصاريح وغيرها، فإنهم لدى سؤالهم عن الانصراف عن انتاج الدراما الدينية يرددون: «لا وجود لنصوص جاهزة، وهناك صعوبة كبيرة في التسويق». وفي هذه الإجابة إدانة كبيرة لهم، فالنصوص حبيسة أدراجهم منذ سنوات، وهي من توقيع مؤلفين كبار في مجال الدراما الدينية مثل الدكتور بهاء الدين إبراهيم وعايد الرباط ومحمد أبو الخير ونبيل حرك وآخرين. وهؤلاء لديهم أعمال موافق عليها رقابياً ومن مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف وتتناول حياة «محمد الغزالي» و«العز بن عبدالسلام» و «معاوية بن أبي سفيان» و «أسماء بنت أبي بكر» و «سعيد بن المسيب» و «الشيماء» و«المرأة في الإسلام» و «أبوهريرة» وغيرها. أما صعوبة التسويق فإنها تمثل للقائمين على التلفزيون «عذراً أقبح من ذنب» نتيجة حرصهم على «العرض السري» للمسلسلات الدينية قبل الفجر أو في «عز الظهر» طوال السنوات الأخيرة. نصل إلى النجوم الذين نفضوا أيديهم تماماً من هذا النوع من الأعمال التي برعوا فيها حين قدموها، ووجدوا الخلاص في الدراما الاجتماعية الاستهلاكية التي لا تتطلب تمكناً من اللغة العربية أو تركيب لحية وباروكة أو ارتداء ملابس ثقيلة في شهور الصيف يصوّرون بها في الصحراء بعيداً من الاستوديوات المكيفة.