تفاعلت قضية بسط الجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر سيطرته على موانئ تصدير النفط، وسط تفاوت في مواقف القوى الليبية ورد فعل دولي حاد يدعم مطالبة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بانسحاب الجيش من «الهلال النفطي». وبعد ساعات من إحكام قوات حفتر سيطرتها على منشآت تصدير النفط في وسط ليبيا، أصدرت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا بياناً دعت فيه «كل القوات المسلحة الموجودة في الهلال النفطي إلى الانسحاب فوراً ومن دون شروط». وطالبت الدول الست ب «وقف فوري لإطلاق النار» في المنطقة، وجددت دعمها حكومة الوفاق الوطني التي أصبحت المتضرر الأكبر من فقدان سيطرة قوات متحالفة معها على «الهلال النفطي». وشددت الدول الست على أن النفط «ملك للشعب الليبي ويجب بالتالي أن تديره حكومة الوفاق» المدعومة من الأممالمتحدة والتي تتخذ من طرابلس مقراً لها. وفي وقت يتوقع أن يتداول مجلس الأمن هذا التطور، لم تحدد الدول المعنية آلية لإجبار قوات الجيش على الانسحاب، كما لم تحدد القوات التي يتعين تسليمها المنشآت النفطية، علماً أن القائد السابق لحرس المنشآت إبراهيم جضران فر من المنطقة «بعدما أوعزت قبيلة المغاربة النافذة محلياً إلى أبنائها عدم التحالف معه»، كما أبلغت «الحياة» مصادر مقربة من حفتر استبعدت تقديم الجيش «أي تنازلات لميليشيات» تتبع لحكومة الوفاق. ومع انسداد أفق الحل، عاد الصراع إلى المربع الأول مع تسجيل حفتر نقاطاً مهمة لمصلحة مجلس النواب (البرلمان) المنتخب الذي يتخذ من طبرق مقراً له، وذلك بوضعه المنشآت النفطية تحت تصرف القوات التي تتبع البرلمان وحكومته. وفي المقابل، اعتبر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح أن «ما قام به حفتر كان بدافع استرداد الموانئ والمنشآت النفطية من أيدي مجموعة خارجة عن القانون، كبدت الخزانة العامة والشعب الليبي خسائر تقدر ب100 بليون دولار على مدى سنتين من سيطرة تلك المجموعة على الموانئ ومنعها تصدير النفط، مصدر الدخل الوحيد في البلاد». وأبلغ «الحياة» فتحي المريمي المستشار الإعلامي لرئيس البرلمان، أن «تحرك الجيش عمل مشروع ضمن سيادة الدولة ولوضع الأمور في نصابها بتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من القيام بعملها الذي منعتها من مزاولته المجموعة الخارجة عن القانون» بقيادة جضران. وأكد المريمي أن السلطات الشرعية الليبية تعتبر التطورات في «الهلال النفطي» شأناً ليبياً داخلياً «يمكن تسويته بالتواصل بين مختلف القوى، ذلك أن تحرك الجيش أتى «بعد تفاهمات واتصالات بين جهات عدة». لكن عبد الرحمن الشاطر عضو «مجلس الدولة» المنبثق عن اتفاق الصخيرات، أبدى في حديث إلى «الحياة» مخاوفه من «تصعيد في اتجاه إشعال حرب أهلية، في ظل الموقف الدولي الملتبس وغير الواضح إزاء الأزمة الليبية، الناتج من ضعف الأجهزة الوطنية وضبابية موقف المبعوثين الدوليين إلى ليبيا». في الوقت ذاته، قال ل «الحياة» محمد صوان رئيس «حزب العدالة والبناء» (الإخوان المسلمين)، إن «أي استيلاء على المنشآت والموانئ النفطية يعد عملاً غير مقبول ولا مشروع طالما أنه خارج الشرعية». وأكد صوان «اتفاق أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق على مختلف توجهاتهم، على رفض هذا الاستيلاء على منشآت النفط»، مشيراً إلى أن موقف المجتمع الدولي منسجم مع موقف حكومة الوفاق.