فيما حرص رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو على أن تحمل زيارته اليونان الأسبوع الجاري رسالة إلى تركيا المتخاصمة معها يقول فيها إن إسرائيل ترى في اليونان حليفاً استراتيجياً جديداً في المنطقة يمكنه أن يملأ الفراغ الذي قد تتركه تركيا في حال بقيت العلاقات المتوترة بين أنقرة وتل أبيب على حالها، شكك رئيس «معهد بحوث الأمن القومي» الديبلوماسي السابق عودد عيران في أن يكون في وسع اليونان أن «تعوّض أو تبطل تماماً الضرر الناجم عن الانقلاب في العلاقات بين تركيا وإسرائيل»، بالرغم من أن استعدادها لتمكين سلاح الطيران الحربي الإسرائيلي من إجراء مناورات فوق أراضيها هو «عمل مهم يستحق الإشادة ويعوّض بقدر كبير خسارة عدم التدرب في تركيا». وأضاف أن الاستخبارات الإسرائيلية لم تشمل تركيا هدفاً استخباراتياً حتى الآن «لكن التغييرات الحاصلة في تركيا تستوجب إعادة النظر في هذه المسألة». وكان نتانياهو وصف تحسين العلاقات مع اليونان «فصلاً جديداً في العلاقات، وتصحيحاً لغبن استمر 62 سنة». وفي تلخيصه الزيارة، قال للصحافيين الإسرائيليين المرافقين له إنه الإسرائيلي الوحيد الذي لم يزُر تركيا في حياته «ويبدو أنني لن أزورها في المستقبل القريب». وأضاف أن إسرائيل ليست هي الجهة التي دهورت علاقاتها مع تركيا، لكن هذا التوتر «أبرز المصلحة المشتركة بين إسرائيل واليونان». وكان نتانياهو وعد مضيفيه بالعمل على تشجيع السياحة الإسرائيلية إلى اليونان، على أن يزورها سنوياً 200 ألف إسرائيلي اعتادوا قضاء إجازاتهم في السنوات الأخيرة في تركيا. واتفق معهم أيضاً على توسيع التعاون الأمني ليشمل تزويد منظومات أسلحة، ومناورات مشتركة في الجو والبحر، ومشاريع في الطاقة البديلة. وتطرق عيران في مقال نشره امس مستعرضاً «الفصل الجديد» في العلاقات بين إسرائيل واليونان، إلى تصريحات رئيس الحكومة اليونانية جورج بباندريو في بيروت في أيار (مايو) الماضي وتأكيده على تضامن الشعب اليوناني مع شعوب العالم العربي ودعوته إسرائيل إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن والانسحاب إلى حدود عام 1967 وقبول مبادرة العربية للسلام، وكتب أن هذه التصريحات لم تغب عن أعين أوساط نتانياهو، لكن الأخير أراد من زيارته أثينا تحقيق هدف استراتيجي لا يقل أهمية ويتمثل في «تقليل حجم الأضرار الناجمة عن انهيار في العلاقات بين تركيا وإسرائيل». وأضاف أن التحول في السياسة الخارجية التركية «الذي انعكس أيضاً في التقارب من ايران وسورية وحزب الله» تراكم إلى درجة حصول تغيير جوهري في الميزان الاستراتيجي وليس فقط لإسرائيل إنما أيضاً في القاهرة وعمان وبيروت ورام الله «حيث ينظرون إلى هذا التغيير بقلق وإن كان أقل ربما، لكن ايضاً اليونان تتابع بقلق التحول التركي وانعكاساته على التطورات الداخلية في تركيا». وأشار الباحث إلى حقيقة أن حجم تركيا وموقعها الجيو - سياسي جعلا منها في السنوات الماضية أكبر مستهلك للصناعات العسكرية الإسرائيلية، «لكن اليونان، حتى إن أرادت، لا يمكنها أن تشكل بديلاً لتركيا فضلاً عن ان اسرائيل ستواجه صعوبة في اختراق السوق اليونانية التي تخضع لسيطرة الصناعات الأميركية والأوروبية». في المقابل، رأى عيران أن اليونان يمكن أن تشكل شريكاً استراتيجياً جديراً بالفحص في مجال الطاقة، خصوصاً أن الكشف عن الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي في المدى البحري بين قبرص وإسرائيل يجعل من البلدين مزودين محتملين لأوروبا. وأضاف أن لإسرائيل وقبرص مصلحة في الالتفاف على تركيا وتقصير المدى بين حقول الغاز والمستهلك الاوروبي، «اما اليونان وبحكم علاقاتها المتميزة مع قبرص وموقعها، فهي حلقة حيوية في مسار نقل الغاز الطبيعي ... ومن هذه الناحية يمكن لمصر الانضمام، وحتى الفلسطينيين في حال تم الكشف عن غاز قبالة شواطئ غزة». إلى ذلك، أشار الباحث إلى أن اليونان ستستفيد من السياحة الإسرائيلية التي هجرت مواقع الاستجمام في تركيا الصيف الحالي وفضلت اليونان وجزرها. مع ذلك، ختم عيران مقاله بالقول إن «الخيار الهيليني الجديد قد لا يوفر البديل والرد الكاملين للأرصدة الاستراتيجية التي افتقدتها إسرائيل مع القضاء على الخيار العثماني الجديد، لكنه يمكن أن يحمل إمكانات مثيرة للاهتمام يجدر الاستثمار فيها».