جدد الرئيس السوداني عمر البشير أمس، منحه عفواً كاملاً ل «كل من يضع السلاح ويكفّ عن القتال في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، فضلاً عن ولايات دارفور، سواء كانوا أفراداً أم تنظيمات». وقال: «من أراد السلام فنحن نمنحه عفواً كاملاً، ومن تمسك بحمل السلاح سيواجهنا في الميدان». وشارك في احتفالات في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور لمناسبة إنجاز «اتفاق الدوحة للسلام»، وذلك بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، والرئيس التشادي إدريس دبي ورئيس أفريقيا الوسطى فوستان اكانج. وأكد البشير أنه سيدرس عملية إطلاق أسرى الحركات المسلحة الذين اعتقلوا أثناء المعارك في مناطق النزاع، كما أعطى أوامر بإطلاق سراح جميع الأسرى القاصرين فوراً، وتسليمهم لذويهم، مؤكداً أن إقليم دارفور شهد استقراراً أمنياً كبيراً بعد توقف الحرب فيه تماماً. وامتدح الرئيس السوداني قطر لرعايتها مفاوضات الدوحة لنحو ثلاثين شهراً، وصولاً إلى توقيع اتفاق السلام الذي رأى أنه «حقق الاستقرار في الإقليم، ونجح في تحقيق السلام، فضلاً عن دعمها اللامحدود في عملية تنمية دارفور». وأكد البشير أن «انتهاء أجل الاتفاق لا يعني إيقاف التنمية في دارفور»، مشدداً على أنها «ستستمر لإعادة المنطقة إلى أفضل من حالها الأولى»، معلناً عن «مشروع دارفور الخضراء» باعتباره مشروعاً تنموياً مستقبلياً. وأوضح: «نحن لا نقول إننا نمتلك عصا موسى، لكننا نعد باستمرار التنمية»، مجدداً التأكيد على انتهاء التمرد في دارفور، وكاشفاً عن نية دولة جنوب السودان في طرد ما تبقى من حركات مسلحة تعمل ضد السودان من أراضيها. وفي المقابل، شبه رئيس «حركة العدل والمساواة» جبريل إبراهيم، مراسم انتهاء أجل السلطة الإقليمية لدارفور بأنه «احتفال بنهاية مأساة»، وهاجم اتفاق الدوحة بشدة قائلاً إن الحكومة تعده «كتاباً مقدساً على رغم أنه لا يشرف أحداً بالتوقيع عليه». ووصف جبريل في رسالة وجهها إلى النازحين واللاجئين في المخيمات الاحتفال بأنه مجرد «لعب». واعتبر الاحتفال «ضرباً من المصالح الشخصية التي تحققت لمسؤولي السلطة الإقليمية، التي يتزعمها التيجاني السيسي، من دون تحقيق مصلحة للمتضررين من الحرب»، ودلل على ذلك بوجود مئات الآلاف من النازحين في المخيمات. وفي شأن آخر، ذكر تقرير لصحيفة «هآرتس» أمس، أنّ الحكومة الإسرائيلية توجّهت أخيراً بطلب لحكومات الولاياتالمتحدة وعدد من الحكومات الغربية، بتقديم بوادر حسن نية تجاه النظام السوداني وتحسين العلاقات مع السودان، وذلك على إثر قطع علاقاته مع إيران. ونقلت عن موظفين رفيعي المستوى، قولهم إنّه تم في هذا السياق بحث الموضوع مع نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية توم شانون الذي زار إسرائيل اخيراً، والتقى رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، ومدير وزارة الخارجية دوري غولد. ولفت موظفون إسرائيليون تحدّثوا ل «هآرتس»، إلى أن مسؤولي الخارجية الإسرائيلية شددوا في محادثاتهم مع شانون، على «أهمية تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسودان، بعد أن قطعت حكومته العام الماضي علاقاتها مع طهران، وتوقف تهريب السلاح من السودان إلى قطاع غزة». ووفقاً للصحيفة، فإنّ إسرائيل طالبت حكومات كل من إيطاليا وفرنسا ودول أوروبية أخرى، اتخاذ مواقف «إيجابية» من النظام في السودان، ومساعدته على مواجهة الديون الخارجية التي تقدر ب50 بليون دولار، ودراسة إمكان محو قسم من هذه الديون، محذرةً من أنّ انهيار السودان اقتصادياً من شأنه أن يزيد من حال عدم الاستقرار في هذا الجزء من أفريقيا، وأن يؤدي إلى تعاظم قوة «المنظمات الإرهابية».