قال رئيس الوفد المفاوض ل «حركة العدل والمساواة» مع الحكومة السودانية أحمد تقد، وهو أيضاً مسؤول المفاوضات في الحركة المتمردة في دارفور، إن جولة المفاوضات الجديدة مع حكومة الرئيس عمر البشير في قطر «تأتي لاختبار مدى جدية وصدقية الحكومة السودانية في شأن الحل السياسي لقضية دارفور». واتهم تقد في حديث إلى «الحياة» الحكومة السودانية بمواصلة سياسة «حرق معسكرات النازحين» في الإقليم المضطرب غرب البلاد، وأعلن أن حركته جاهزة لتسليم الأسرى لديها في حال أبدت الحكومة استعدادها أيضاً لتسليم أسرى ومحكومين من الحركة وفق اتفاق جرى توقيعه في الدوحة في وقت سابق. كما أفاد أن التوجّه الأميركي في شأن دارفور يركّز على وقف إطلاق النار. وشدد على أن «حركة العدل والمساواة لا تريد أن تقفز إلى مرحلة جديدة (من المفاوضات) من دون الوقوف على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق حسن النيات وبناء الثقة» الذي كانت وقّعته الحكومة و «حركة العدل والمساواة» في الدوحة في 17 شباط (فبراير) الماضي. ونص الاتفاق على تبادل إطلاق الأسرى والمحكومين وتسهيل عمليات إغاثة النازحين. وأضاف أن «الكرة الآن في ملعب الحكومة السودانية وفي ملعب الوساطة (التي تتولاها قطر والوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة جبريل باسولي)». وقال: «إذا كانت الوساطة عاجزة عن تنفيذ اتفاق حسن النيات فلا أحسب أنها تستطيع الوصول بالقضية إلى نهاياتها المنطقية بتحقيق سلام شامل في اتفاق مع الحكومة (السودانية)» التي وصفها بأنها «لا تلتزم العهود والمواثيق». وكرر: «إذا عجزت الوساطة عن تنفيذ اتفاق الدوحة (اتفاق حسن النيات) فأحسب أنها لا تستطيع تنفيذ بنود اتفاق السلام الشامل إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام في دارفور». وشرح تقد رؤية «حركة العدل» للجولة الحالية من المفاوضات مع الحكومة السودانية في قطر، وقال: «ليست هذه جولة جديدة، فهي امتداد للجولات السابقة التي تركّز على تنفيذ اتفاق 17 شباط/فبراير (اتفاق حسن النيات)، وبالتالي فإن النقاش سيدور حول النقاط المحددة في ذلك الاتفاق»، مشيراً إلى أنه تم تبادل قوائم الأسرى بين الطرفين في جولة المفاوضات السابقة التي جرت في الرابع من أيار (مايو) الماضي. وطلب مسؤول الحركة المتمردة من الوساطة والدول الراعية بذل جهود كبيرة لتنفيذ بندين أساسيين. وقال إن البند الأول يتعلق بالوضع الإنساني، خصوصاً بعدما طردت الحكومة السودانية منظمات إنسانية عاملة في دارفور في إطار ما وصفه باستمرارها في «سياسة حرق معسكرات النازحين في ولايات غرب وجنوب دارفور». وانتقد في هذا الإطار «الاستمرار (الحكومي) في اعتقال قادة معسكرات النازحين، واختطاف العاملين في الاغاثة على يد الأجهزة الحكومية والعناصر الموالية للحكومة». ورأى أن تلك الممارسات تمثّل «محاولة لخلق فراغ حتى تتمكن الحكومة السودانية من احلال المنظمات الإنسانية السودانية بدل المنظمات الدولية في دارفور». وأوضح، في هذا الاطار، أن البند الثاني الذي تطالب «حركة العدل والمساواة» بتطبيقه هو بند تبادل الأسرى واطلاق المعتقلين والمحكومين والمحتجزين. وقال إن الحكومة السودانية على رغم اتفاق الدوحة الذي نص على تبادل الأسرى والمحكومين استمرت في تقديم جميع أسرى «العدل والمساواة» إلى القضاء واستصدرت قرارات من المحاكم بإعدامهم. ورأى أن ذلك الأمر يتنافى مع كافة الاعراف الدولية التي تحكم أوضاع أسرى الحرب، كما يتنافى مع الاتفاق الموقع بين «حركة العدل» والحكومة السودانية في الدوحة في شباط الماضي. وقال تقد إن ذلك «يؤكد أن الحكومة غير جادة في خلق مناخ معافى يمهد للدخول في مفاوضات سياسية جادة»، وشدد على أن «هذا المسلك يؤكد أن الحكومة (السودانية) لم تتخذ قراراً استراتيجياً لحل مشكلة دارفور بالوسائل السلمية، وما زالت الخيارات الأمنية والعسكرية هي سيدة الموقف حتى هذه اللحظة». وسئل هل يوجد تصوّر محدد ستطرحه «حركة العدل والمساواة» في الجولة الجديدة للمفاوضات مع الحكومة السودانية، فأجاب: «جئنا إلى الدوحة لنعرف ماذا فعلت الوساطة (القطرية ووساطة الوسيط الافريقي الأممي)، خصوصاً أن الوساطة أخذت مساحة (فترة زمنية) بين الجولة السابقة والجولة الحالية، كما ذهبت الوساطة إلى السودان والتقت السلطات». وأضاف: «نحن نريد أن نسمع من الوساطة القطرية والأممية - الأفريقية عن نتائج زياراتهم للسودان ولقاءاتهم بالمسؤولين، وكذلك عن القائمة التي قدمتها حركة العدل في شأن اطلاق الأسرى وعن الوضع الإنساني في ظل الأزمة الانسانية الحادة التي تمر بها ولايات دارفور المختلفة هذه الأيام». وسئل رئيس وفد «العدل والمساواة» عن قوائم الأسرى التي تبادلتها الحركة مع الحكومة السودانية، فأجاب بأن الحركة سلّمت إلى الوسطاء قائمة بجميع أسرى الحكومة السودانية وعددهم 91 أسيراً وهم من رتب عسكرية مختلفة، ومنهم من يحمل رتباً رفيعة. أما أسرى الحركة الذين قُبض عليهم في أم درمان (بعد هجوم الحركة على المدينة في وقت سابق من العام الماضي) وفي دارفور بدعوى أنهم ينتسبون إلى «حركة العدل» فبلغ عددهم حوالي مئتي شخص، كما قال تقد. وقال: «نحن الآن على أتم الاستعداد لإطلاق كل الأسرى، واتصلنا بالصليب الأحمر والوساطة القطرية، ونحن جاهزون لتسليمهم إلى ذويهم عبر المنظمة الدولية، والمطلوب أن تتخذ الحكومة الخطوة نفسها باطلاق الأسرى والمحكومين والمعتقلين لديها». وأضاف أن الحركة «ترى ضرورة عودة المنظمات الإنسانية التي أبعدتها الحكومة من دارفور». ولفت إلى «أن الاتجاه القائم الآن هو أن الحكومة تسعى إلى تسليم ملف الاغاثة إلى منظمتين سودانيتين هما أم الفقراء وسند»، وقال إن المنظمتين لهما علاقة بالحكم السوداني. وعن رأيه في إعلان الحكومة السودانية موافقتها على استقبال منظمات غربية جديدة بعد طردها منظمات أخرى في وقت سابق، فقال: «هذه ليست موافقة، بل هي محاولة للتنصل من عودة المنظمات (الغربية) المبعدة. وشكلياً وافقت الحكومة على عودة أربع منظمات غير مبعدة وهي ليست مسجلة في السودان، ولا وجود لها داخل السودان». وأعرب عن اعتقاده «أن السودان مقبل الآن على فصل الخريف حيث سيكون الوضع الإنساني مأسوياً جداً وهناك مخاوف من نقص في مختلف الخدمات». وأشار إلى وجود أكثر من 43 معسكراً للنازحين في دارفور و «بالتالي فإن الوضع في الإقليم لا يحتمل الانتظار لدخول منظمات جديدة بعد فترة طويلة». وسئل عن التصعيد العسكري في دارفور الذي قامت به «حركة العدل والمساواة» عشية اجتماعها مع وفد حكومي في الدوحة، فرد بقوله: «ليس لدينا اتفاق وقف اطلاق نار بين الحكومة السودانية وحركة العدل، ونحن في حال حرب مستمرة، وإلى حين الوصول إلى اتفاق سلام شامل لا يمكن لصوت الرصاص أن يسكت بأي حال من الأحوال لأن لغة الحكومة هي لغة الحرب». وقال «إن الطيران الحكومي السوداني يستهدف مواقع «حركة العدل والمساواة» في شكل مستمر والقوات الحكومية تتحرك على الأرض في شكل يومي والمعارك مفتوحة في مناطق مختلفة، وفي ضوء ذلك فإن على حركة العدل انتهاج سياسة تؤمن لها الوضعية العسكرية في دارفور وكذلك فرض السيطرة واجبار الحكومة على النزول عن الرغبة في السلام بقوة السلاح. هذه هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لأهل دارفور للدفاع عن مطالبهم المشروعة في سبيل تحقيق سلام شامل وعادل». وعن تقويم «حركة العدل والمساواة» للدور الأميركي حالياً، قال إن هناك اتصالاً مستمراً ومشاورات بين الإدارة الأميركية والحركة «وقد زارنا سكوت غرايشن مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما أكثر من مرة والتقى قيادات حركة العدل والمساواة ودار حوار عميق حول الوضع السياسي». وقال إنه بدا واضحاً من خلال اللقاءات مع الإدارة الأميركية الجديدة انها تتجه الآن «نحو وقف اطلاق نار ولو في شكل موقت (بين الحكومة السودانية وحركة العدل) لتتمكن (واشنطن) من التحول نحو تطبيق اتفاق السلام الشامل (بين الشمال والجنوب)، بخاصة أن البلد (السودان) يقف على حافة انهيار شامل. وبالتالي فإن أي تحرك عسكري في دارفور وكردفان (اقليم مجاور لدارفور) سيؤدي إلى انهيار اتفاق السلام الشامل (بين الشمال والجنوب )». وأكد أن الإدارة الأميركية حريصة على وقف اطلاق النار «لكن هذا الموقف يتعارض مع تطلعات أهل دارفور في ظل التحول الشامل في السودان نحو الانتخابات، ونحو الدخول في مرحلة جديدة بمعزل عن مشاركة أهل دارفور، ولذلك فإن الحركة حريصة على ايجاد سلام شامل لكل السودان واتاحة الفرصة لكل أقاليم السودان للمشاركة الفاعلة مع بقية الأقاليم لرسم مستقبل البلد والمساهمة في اتخاذ القرارات المصيرية التي تخص البلد والشعب». وعن رأيه في اجتماع مبعوثي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الاوروبي في الدوحة بالتزامن مع اجتماع عقده وفدا الحكومة السودانية و «حركة العدل المساواة»، قال إن اجتماع المبعوثين الدوليين يتعلق بالوضع السياسي في السودان عموماً ويركز على اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب. ولفت إلى أن هذه الدول رعت اتفاق الشمال والجنوب، والاجتماع يناقش قضية السودان في شكل كلي وإن قضية دارفور كانت محوراً من محاور الاجتماع.