تطالعنا الصحف اليومية بين الفينة والأخرى بأنباء النصابين والأفاكين من بائعي الوهم ومروجي الخرافة بين الناس، وقد اشتهرت عمليات النصب وفشت، وراجت سوقها بين البسطاء وكبار السن في الغالب حتى وقتٍ قريب، بعدما انضوى تحت لوائها التجار والمثقفون، وبعض الأكاديميين ممن أفنوا أعمارهم في البحث والمطالعة! وترتكز محاور تلك القصص في الغالب على مضاعفة المال وتسخير الجان وتطويع الشياطين بإضافة شيءٍ يسير من الزئبق الأحمر! لتسفر الفضيحة في اليوم التالي عن إلقاء القبض على أفريقي ضحك على ذقن تاجرٍ بإيهامه بأن ماله سيضاعف ورزقه سيفيض! وبعدما يدفع التاجر المبلغ المتفق عليه، يختفي الكل: السارق والعفريت والمال، ويبقى الضحية أو مريد الوهم، ولو استقصى المتتبع أخبار أولئك لم ومج وعافت نفسه المطالعة من سقوط العاقل في شباك الكاذب! في حكاية «الثري العاري»، نجد ثرياً يصيبه الهوس بحياكة الثياب، حتى إنه وقع ضحية لمجموعة من النصابين، الذين أقنعوه بأنهم سيصنعون له ثوباً من خيوط القمر! وبعد أن مكثوا في قصره سنوات طويلة يأكلون ويشربون وينامون ويسترزقون، كانوا فيها ينسجون قماشاً طويلاً من أشعة القمر، وذات ليلةٍ طلبوا من الثري أن يخلع ثيابه كاملةً ليلبسوه ثوب القمر المنتظر! وبدا التاجر مزهواً بنفسه وهو يتأمل الثوب الوهمي في المرآة، وفي الحقيقة كان يتأمل جسده فقط، وجاء الخدم ليثنوا على أناقة الثوب الذي يرتديه ولي نعمتهم. وهو ما حدث أيضاً من الجيران والأقارب حينما خرج الثري إليهم مستعرضاً ثوبه، إلا أن طفلاً صغيراً كان أبوه يرفعه على كتفيه صرخ بأعلى صوته: التاجر عريان... التاجر عريان! هؤلاء النصابون لا يبيعون غير الوهم، فإذا انكشف الغطاء وظهرت الحقيقة، كان الضحية عارياً من ممتلكاته ورؤوس أمواله. مكهرب