على رغم التنافس الإيجابي الكبير بين الأئمة في جميع أنحاء المملكة بجمال الصوت وحسن التلاوة ، إلا أن لأئمة الحرم وتلاواتهم وقعاً خاصاً على القلوب والآذان، هؤلاء الأئمة الذين ذاع صيتهم في أرجاء المعمورة كافة، وما من مسلم إلا ويتمنى أن تسنح له فرصة الصلاة خلف أحدهم. وعلى رغم ما لكل واحد منهم من مكانة، والتميز والزيادة في عددهم عاماً بعد عام، نجد أن جيل الآباء والأجداد ما زالوا يستعيدون ذكريات الصلاة في الحرم المكي خلف الأئمة السابقين له رحمهم الله، إذ ما زالوا بتلاواتهم الخاشعة وأصواتهم الندية حاضرين وإن غابت أجسادهم واحتواها التراب. وما زالت أم علي، مع كل مرة يُذكَر فيها هؤلاء الأئمة أو يتم تعدادهم على رغم ضعفها في حفظ الأسماء تذكر الشيخين الجليلين عبدالله خياط وعبدالله الخليفي - رحمهما الله، وكذلك الشيخ محمد السبيل حفظه الله وتظل تثني على تلاواتهم، ويقف معها الحديث على تلك الأيام الخاشعة، أيام العشر الأواخر ودعاء القنوت وليلة ختم القرآن الكريم، التي كان يؤم فيها الشيخ الخليفي رحمه الله ويبكي بتلاوته الخاشعة جميع من في المسجد الحرام، ومن يشاهده عبر التلفزيون، أو يسمعه عبر المذياع. بينما يستعيد المعلم سعيد الزبيدي ذكرياته في عام 1401ه ، عندما حظي بحضور خطبة الجمعة والصلاة في المسجد الحرام خلف الشيخ عبدالله خياط رحمه الله، فذكر أن ذلك اليوم كان مميزاً بالنسبة له ولا سيما أنه كان وقتئذ ما زال طالباً في المرحلة الثانوية وحضر من قريته في زيارة لمكة، وكتب أن يكون ذلك اليوم من أجمل ذكرياته في المسجد الحرام. بينما ترى مها محمد أن أئمة الحرم سواءً السابقين رحمهم الله أو الحاليين جميعهم لهم مكانة خاصة لدى العامة، «كيف لا يكون كذلك والجميع على اختلاف ألسنتهم يستمع لتلاواتهم ويطلب أشرطتهم»؟! ينما تقترح نوف عبدالرحمن أن يكون هناك موقع يخصص لأئمة الحرم كالمدونة يحمل سيرهم الذاتية وتعريفاً بهم يؤخذ من مصادر موثقة كأن يتم مقابلة أسرهم وأقاربهم إن كانوا متوفين، أو منهم شخصياً إن كانوا موجودين، وتلاواتهم، وهو ما ينهي صعوبة الحصول على المعلومات الموثوقة عن أولئك العلماء. وأضافت نوف قائلة: «أنا لست ضد تكرار المعلومة، ولكن بودي أن نعرف شيئاً جديداً عن هؤلاء الأئمة الأفاضل الذين أطربوا الآذان وأبكوا الأعين، وجعلوا القلوب القاسية تخشع، لكي نعلمه ونعلّمه لأبنائنا الصغار». وتشاركها أم سيف في ذلك موضحة أنها بين فترة وأخرى تستعين بما تجده من معلومات وتذكرها بأسلوب مبسط لأطفالها لتشجعهم على حفظ القرآن، وفي أحيان تثبيتاً منها لسيرة هذا الإمام أو ذاك ،على حد قولها، تُسمع أطفالها نموذجاً من تلاوات أولئك الأئمة. موضحة أن «التلاوات متوافرة غير أن أبناءها يسألونها في أحيان عن أمور ترد على أذهانهم في حياة هؤلاء الأئمة لا تجد لها إجابات تشفي فضولهم الطفولي».