قدمت مفوضية استفتاء تقرير مصير جنوب السودان طلباً رسمياً إلى الرئاسة لإرجاء موعد الاقتراع المقرر مطلع العام المقبل، مؤكدة أن الوقت لن يسعفها لإجرائه في موعده، فيما رفضت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» أي مسعى لتعديل موعد الاستحقاق، «ولو لساعة واحدة»، مهددة باللجوء إلى برلمان الإقليم لتحديد مستقبله، في تلويح بإعلان الاستقلال. وكشف رئيس مفوضية الاستفتاء محمد إبراهيم خليل أنه قدم طلباً إلى الرئاسة لإرجاء الاستفتاء، وليس إلى «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم أو شركائه في «الحركة الشعبية»، مبرراً ذلك بعدم كفاية المدد الزمنية المحددة لإجراء الاستفتاء في موعده. وأضاف أنه نبه الرئاسة إلى أن «إجراء الاستفتاء يحتاج إلى خمسة أشهر على الأقل عقب إعداد السجل المبدئي للناخبين استناداً إلى الجدول المنصوص عليه في قانون الاستفتاء الذي ينص على منح ثلاثة أشهر لإجراء الاستفتاء عقب استكمال السجل النهائي كما يعطي فرصة شهرين للطعون والفصل فيها من قبل المفوضية ومن ثم القضاء»، لكنه شدد على أن «مهمة المفوضية تنحصر في تحديد المشاكل التي تعترض الاستفتاء فيما تأتي الحلول من قبل الرئاسة». وأمام مؤسسة الرئاسة التي تضم الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه، خياران هما إرجاء الاستفتاء أو استدعاء البرلمان لتعديل قانونه من أجل إعادة ترتيب الجدول الزمني بهدف إجراء الاستحقاق في موعده. ويؤكد مسؤولون في المفوضية أنها «تواجه صعوبات حقيقية» في إجراء الاستفتاء في موعده المقرر وفي تنفيذ الترتيبات التي تسبقه، كما أنها لم تنه بعد هيكلها التنظيمي بسبب الخلاف على منصب الأمين العام الذي تصر «الحركة الشعبية» على أن يتولاه شخص من جنوب السودان باعتبار أن رئيسها من الشمال، ما يرفضه «المؤتمر الوطني». لكن «الحركة الشعبية» كررت تحذيراً شديد اللهجة ضد أي محاولة لإرجاء الاستفتاء، وأكد الأمين العام للحركة باقان أموم أمس أنها «ستعمل على إيجاد بدائل وخيارات أخرى في حال إرجاء الاستفتاء»، محذراً من أنه في حال عرقلة العملية «لن يكون هناك أي إرجاء، وسنبحث عن آليات بديلة للاستفتاء». وأشار إلى أن بنداً في اتفاق السلام الذي وضع حداً للحرب الأهلية بين الجنوب والشمال، يتضمن آليات بديلة للاستفتاء في حال عدم إجرائه. وقال: «إذا لم يتم الاستفتاء فممثلو الشعب في البرلمان (الجنوبي) لهم الحق في أن يقرروا الآليات المناسبة وفقا للاتفاق. وسنختار الآليات التي نتيح للشعب من خلالها التعبير عن صوته لتأكيد السلام ورفض الحرب». وتتهم «الحركة الشعبية» شريكها «المؤتمر الوطني» بوضع العراقيل أمام إجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب بهدف التأثير سلباً على نتائجه المتوقعة لمصلحة الانفصال أو بهدف عدم إجرائه نهائياً. وناقشت الحركة في مؤتمر في جوبا أمس «محاولات الخرطوم لزعزعة الاستقرار في الجنوب عبر دعم مناوئين لحكومة الإقليم من أجل تعطيل الاستفتاء»، بعد عرضها صور مروحية قالت إنها تابعة للخطوط الجوية السودانية احتجزتها قبل ثلاثة أيام وقالت إنها تنقل مساعدات عسكرية من الخرطوم إلى القائد الجنوبي المنشق الجنرال جورج أطور، وهو ما نفاه «المؤتمر الوطني»، وطالب بالإفراج عن الطائرة وطاقمها المؤلف من روسييْن وباكستاني. في المقابل، اتهمت الخرطوم أمس «الحركة الشعبية» بترتيب لقاء بين وفد من «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور والقيادة الأوغندية. ونقل مركز إعلامي شبه رسمي عن مصادر لم يسمها أن وفداً من المتمردين زار كمبالا سراً الاسبوع الماضي وعقد لقاء مع الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني في حضور مسؤول من «الحركة الشعبية» رتب اللقاء. وأشار التقرير إلى أن وفد المتمردين الذي ضم مساعد زعيم «العدل والمساواة» أحمد آدم بخيت والقياديين منصور أرباب وأحمد تقد لسان، «طلب من موسيفيني دعم الحركة عسكرياً بإقامة قاعدة لها في أوغندا مع دعمها بالسلاح والتدريب، وإجراء اتصالات مع دول وسط أفريقيا للتعاون مع الحركة وفتح علاقات معها». وأكد «موافقة موسيفيني على مساعدة متمردي العدل والمساواة، وتعهده أن تكون بلاده مفتوحة لها وتقديم الدعم والتسهيلات»، لافتاً إلى أن «التعاون سيبدأ بين الطرفين بفتح مكتب لحركة العدل والمساواة في كمبالا». وربط التقرير اللقاء بزيارة سلفاكير إلى أوغندا الأسبوع الماضي ولقائه موسيفيني.