لم نكن في حاجة إلى (تسويغ) الرشوة، بالقول إن من يستحق ترقية ولم يصل إليها يمكن له دفع رشوة لتخطي العقبات والترقي، ماذا نعتبره (اجتهاداً أو زلة)؟ لكن حينما يصدر من رجل له جماهيرية مثل الدكتور سلمان العودة يمكن تحوله إلى قاعدة ذهبية. ثم من الذي يستطيع وضع ضوابط لإباحة الرشوة في حالة انتزاع حق، ومرتبة الأخير في قائمة الضروريات، وإذا كان المال هو «السيد» فماذا يفعل الفقراء والمساكين؟ الملك عبدالله بن عبدالعزيز التفت إلى فوضى فتاوى وعودة عنها، التوجيه بقصر أمر الفتوى على هيئة كبار العلماء قرار حكيم يحيل الأمر إلى مؤسسة. حسناً، ماذا سيفعل دعاة ووعاظ لهم برامج فضائية مباشرة ،تطرح عليهم أسئلة من كل مكان؟. ونحن في هذه المحطة الزمنية بين فوضى وتنظيم جديد، أقدم ملاحظة بسيطة من متابع لبعض برامج تطرح فيها أسئلة على مشايخ ودعاة ووعاظ. الملاحظة أن المسؤول يقع غالباً أسيراً لصياغة سؤال ليس له خط رجعة، والمستغرب أنه من النادر جداً أن نسمع جواباً يقول لا أعلم أو لا أدري أو أن الأمر يحتاج إلى تأمل. وأركز على قضية الرشوة وهي من أمهات الفساد المالي، ولا يعرف خطرها إلا من جرب الإدارة، وكلما كانت الإدارة لمصلحة عامة يصبح الضرر أخطر. ليس سراً أن الفساد المالي منتشر في بلادنا، لقد اعترفنا بذلك، والمشكلة أننا لا نواجهه حقيقة المواجهة، ففي مقابل قضايا تنشر وتصريحات لجهات رسمية تصف بعثرة أموال عامة من النادر إطلاعك على حكم واضح وجلي على شخصية فاسدة واحدة من فئة الفساد الثقيل. وفي مقابل «التسويغ» ظهرت مصادقة جميلة إيجابية تحسب لوزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة بإعلانه عن تكريم موظف في الوزارة رفض رشوة بنصف مليون ريال. للصحة الوزارة سجل في التكريم، وسجل آخر في قضايا مضادة، وحينما نحتفي بالنزاهة يجب أن نكشف المرتشي. وفي مواجهة الرشوة سجلت وزارة العدل حالة نشاز في قضية موظف رفض الرشوة فدخل إلى متاهة التقاضي مع وزارته مطالباً بمكافأة، السبب أنها لم تحسن إدارة الأمور منذ بدايتها. واستنتج - مما دار ويدور- أننا نكاد نطب ونقع في حفرة التكيف مع الفساد المالي، وكأن في ذلك إعلان هزيمة أمامه، وهو ما يجب عدم السماح به، من الإعلام والدعاة وأصحاب الجماهيرية في الطرح. وإلا فإن الأمانة والنزاهة ستصبح في خبر كان، تدرّس في قسم الآثار. www.asuwayed.com