تمسكت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب أمس بإجراء استفتاء تقرير مصير الإقليم في موعده المحدد بعد خمسة أشهر، مطالبة شريكها «حزب المؤتمر الوطني» بحل أزمة الأمين العام لمفوضية الاستفتاء في أسرع وقت، لكن الحزب الحاكم قال إنه سيدرس طلباً من المفوضية لإرجاء الاستفتاء، ما يهدد بتصاعد الأزمة بين الشمال والجنوب ويفتح الباب أمام احتمالات عدة تعقد الأوضاع في البلاد. وحذر المكتب السياسي ل «الحركة الشعبية» بعد اجتماع طارئ في جوبا عاصمة الجنوب دعا إليه زعيم الحركة رئيس حكومة الإقليم سلفاكير ميارديت، من خطورة الأوضاع في منطقة ابيي الغنية بالنفط، مشدداً على أهمية تشكيل مفوضية استفتائها ومواصلة الحوار بين شريكي الحكم لمعالجة الوضع في المنطقة التي سيجرى فيها استفتاء متزامن مع الجنوب لتحديد ما إذا كانت ستبقى على وضعها الحالي ضمن ولاية جنوب كردفان أو ستتبع جنوب البلاد. وقال الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم للصحافيين في جوبا إن حزبه يتمسك بإجراء الاستفتاء في موعده في كانون الثاني (يناير) 2011، ولن يرضخ لأي محاولات لإرجائه، مؤكداً أنه حصل خلال جولته الخارجية الأخيرة على تأييد الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة لإجراء الاستفتاء في موعده المقرر مطلع العام المقبل. وطالب «المؤتمر الوطني» بحل مشكلة الأمين العام لمفوضية الاستفتاء «في أسرع فرصة ممكنة»، داعياً الحكومة الاتحادية إلى توفير الموارد للمفوضية للقيام بدورها على أكمل وجه. في المقابل، أعلن المسؤول السياسي في «المؤتمر الوطني» إبراهيم غندور في تصريحات صحافية أمس استعداد حزبه لدرس طلب مفوضية استفتاء جنوب السودان إرجاء الاستفتاء لما بعد كانون الثاني (يناير) المقبل. واستغرب إصرار «الحركة الشعبية» على أن يتولى جنوبي أمانة المفوضية التي تضم 9 أعضاء. إلى ذلك، أشار أموم إلى أن المكتب السياسي أكد أيضاً مواصلة الحوار مع «المؤتمر الوطني» لمعالجة الوضع في أبيي وتنفيذ البروتوكول الخاص بالمنطقة، فضلاً عن تشكيل مفوضية استفتائها. واعتبر أن الوضع هناك «خطير ويجب تداركه لوجود ميليشيات عسكرية تنشط في المنطقة وتعمل على استقطاب المواطنين». ولفت إلى أن الاجتماع أكد أيضاً «وجود جهات في الخرطوم تدعم» حركة المنشق عن «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الجنرال جورج أطور، بعد احتجاز مروحية شمالية قال «الجيش الشعبي» الذي يسيطر على الجنوب إنها تقل المسؤول الثاني في مجموعة أطور المتمردة. وعرضت «الحركة الشعبية» صور مروحية قالت إنها تابعة للخطوط الجوية السودانية احتجزتها قبل ثلاثة أيام وقالت إنها تنقل مساعدات من سلطات الخرطوم إلى أطور، وهو ما نفاه «المؤتمر الوطني» الذي طالب بالإفراج عن الطائرة وطاقمها. وقال الناطق باسم جيش الجنوب ملاك ايوان إن الطائرة احتجزت في مطار فلج في ولاية أعالي النيل الجنوبية، وكانت تنقل معدات وجنوداً تابعين للجنرال المنشق. ووزعت الحركة كذلك صور سبعة موقوفين قرب الطائرة قال ايوان إنهم «مسلحون ومقاتلون في قوات الجنرال المنشق أطور»، إضافة إلى طاقم المروحية المكون من روسييْن وباكستاني. وقال قائد الجيش الجنوبي جيمس هوث قبل يومين إن توقيف المروحية «دليل على أن المؤتمر الوطني يوتر الوضع في الجنوب ليقول للمجموعة الدولية إن الجنوب غير قادر على حُكم نفسه». من جهة أخرى، كشف تقرير في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أمس أن اجتماعاً ضم مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية عن السودان شهد خلافاً حاداً بين مبعوث الرئيس باراك أوباما الخاص إلى السودان الجنرال المتقاعد سكوت غرايشن وسفيرة واشنطن لدى الأممالمتحدة سوزان رايس. وذكر التقرير أن رايس احتدت غاضبة خلال الاجتماع عندما اقترح غرايشن خطة تجعل من استفتاء جنوب السودان أولوية، معتبرة أنه يقلل من أهمية الأزمة الجارية في دارفور ولا يرى ضرورة لأي ضغوط إضافية على حكومة الخرطوم. ونقلت المجلة عن مصادر متطابقة اطلعت على الاجتماع ان خطة غرايشن وافق عليها تقريباً كل المشاركين الآخرين بمن فيهم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وأن هذه الخطة الآن في طريقها إلى أوباما للمصادقة عليها، فيما دعيت رايس إلى تقديم اعتراضها كتابة.