تمكنت القوات النظامية السورية و «حزب الله» تحت غطاء من الطيران الروسي من محاصرة الأحياء الشرقية في حلب مجدداً، إثر استعادتها ثلاث كليات عسكرية، كانت سقطت في أيدي الفصائل المقاتلة قبل شهر، وسط مفاوضات مكثّفة لإعلان هدنة حلب، خلال لقاء مرتقب اليوم بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمة مجموعة العشرين. وواصلت فصائل «الجيش الحر» بدعم من الجيش التركي التقدُّم لإقامة شريط عمقه 20 كيلومتراً شمال سورية، لا يضم «داعش» والمقاتلين الأكراد، بالتزامن مع زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي بريت ماكغورك شمال شرقي سورية لطمأنة المقاتلين الأكراد. وبثت وكالة «الأناضول» للأنباء أن مقاتلين من المعارضة السورية تدعمهم أنقرة سيطروا على منطقة شمال سورية، تمتد من أعزاز إلى جرابلس على الحدود التركية، بعدما طردوا مقاتلي «داعش». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «داعش» خسر تواصله مع العالم الخارجي بعد فقدانه «ما تبقى من القرى الحدودية الواقعة بين نهر وبحيرة الساجور في ريف جرابلس الغربي وبلدة الراعي الاستراتيجية في ريف حلب الشمالي الشرقي». وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم إن حكومته لن تسمح بقيام «دولة مصطنعة» شمال سورية، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد الذين تدعمهم الولاياتالمتحدة. وكان المرصد أكد أن القوات السورية النظامية مدعومةً من «حزب الله» والطيران الروسي «تمكّنت من السيطرة على كلية المدفعية عقب سيطرتها على كلية التسليح والمدرسة الفنية الجوية (...) ومحاصرة أحياء حلب الشرقية مجدداً»، بعد شهر على سيطرة فصائل معارضة على مناطق في جنوب غربي حلب والوصول إلى طريق الراموسة لكسر حصار فرضته القوات النظامية منتصف تموز (يوليو) على الأحياء الشرقية، بعد السيطرة على طريق الكاستيلو. والطريق كان أحد البنود الرئيسية في الاتفاق الأميركي- الروسي للتعاون العسكري. وكشفت مسودة أميركية للاتفاق، حصلت «الحياة» على نصها، ضمان روسيا «إجبار النظام السوري على وقف تحليق طيرانه والعمليات الهجومية في كل أنحاء البلاد» وعدم قصف مناطق المعارضة، بما فيها المناطق المتداخلة مع «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، بعد سبعة أيام على تنفيذ هدنة وإقامة منطقة منزوعة السلاح شمال حلب وطريق الكاستيلو. و بعدما أعلن أوباما أن الجانبين الأميركي والروسي «يعملان على مدار الساعة»، مشيراً إلى أن «المسألة معقّدة جداً»، تحدّث مسؤول بارز في الخارجية الأميركية عن «تراجع الروس عن بعض القضايا التي اعتقدنا بأننا اتفقنا عليها، لذلك سنعود إلى عواصمنا للتشاور». وأضاف أن وزيري الخارجية جون كيري وسيرغي لافروف سيلتقيان مجدداً اليوم على هامش قمة مجموعة العشرين. وحدّد كيري أولويتين لضمان استمرار وقف النار، إحداهما الرد على انتهاكات النظام السوري وضبط «جبهة فتح الشام». وكان المبعوث الأميركي إلى سورية مايكل راتني بعث إلى «فصائل المعارضة السورية المسلحة» برسالة من أربع صفحات، تضمّنت النقاط الرئيسية في الاتفاق وحملت تاريخ 3 أيلول (سبتمبر). وورد في المسودة، التي حصلت «الحياة» على نسخة منها، أن «الملامح الرئيسية للاتفاق هي أن تقوم روسيا بمنع طيران النظام من التحليق، وهذا يعني عدم حدوث قصف من قبل النظام في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بصرف النظر عمّن يتواجد فيها، بما في ذلك المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام، إلى جانب فصائل المعارضة الأخرى. في المقابل، نعرض على روسيا التنسيق من قبلنا في شأن إضعاف القاعدة في سورية، وهذا التنسيق سيتضمّن تفاهماً يقضي بألا تكون هناك عمليات قصف من قبل النظام ولا قصف عشوائي روسي». ميدانياً، وبعدما فتح جبهةً جديدة شمال سورية وأرسل دبابات إلى بلدة الراعي السورية، قصف الجيش التركي ليل السبت - الأحد أربعة مواقع ل «داعش»، كما جاء في بيان وزّعته وكالات الأنباء الحكومية. وتم تدمير موقع للتنظيم قرب بلدة الراعي، كما قصفت ثلاثة مواقع أخرى قرب مدينة جرابلس التي استعادتها من «داعش» فصائل مسلحة معارضة مدعومة من تركيا. وأشار «المرصد» إلى أنه بعد تقدُّم الفصائل المقاتلة المدعومة من تركيا «لا يزال هناك نحو 16 كلم تحت سيطرة تنظيم داعش على الحدود مع تركيا. وفي حال أُجبروا على الانسحاب منها سيفقدون آخر اتصال بين المناطق الواقعة تحت سيطرتهم والعالم الخارجي»، وسط أنباء عن خطة بدعم تركي لإنشاء شريط حدودي بعمق 20 كيلومتراً خال من «داعش» والمقاتلين الأكراد، حلفاء الأميركيين. وأوضح «المرصد» أمس، أن ماكغورك زار في اليومين الماضيين «مناطق سيطرة قوات سورية الديموقراطية (العربية - الكردية) في مدينة عين العرب (كوباني) ومحافظة الحسكة، حيث التقى ممثلين من الإدارة الذاتية الديموقراطية في مقاطعتي الجزيرة وكوباني، وممثلين وقيادات عسكرية من وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سورية الديموقراطية». وتابع أن ماكغورك «جدد تأكيده دعم التحالف الدولي لقوات سورية وأن لا صحة للأقاويل والإشاعات عن تخلي التحالف عن دعمها بعد التفاهمات التي جرت مع تركيا».