بعد كل هذا العمر لاحترافنا، واستمرار غياب اللاعب السعودي عن الاحتراف خارجياً، أستطيع التأكيد بأعلى صوت، بأن المشكلة في اللاعب السعودي المحترف، وليس في نظام الاحتراف. هذه هي الحقيقة التي نغيّبها دائماً، وهي حاضرة أمامنا بكل المزاجية، والتهاون، وعدم الانضباط، وأسلوب التعالي من بعض «وليس كل» اللاعبين المحترفين، حتى لا نظلم بعض الذين ينظرون للاحتراف على أنه مصدر رزقهم ودخلهم. لو أن كل لاعب محترف يتقاضى راتباً شهرياً قدره 15 ألف ريال، ووقع عقداً بمليون، أو مليونين، أو ثمانية، أو عشرة ملايين، أو عشرين مليوناً، أو وصل للرقم ثلاثين، وهذا حصل في سوق بيع عقود اللاعبين السعوديين. فلو أن هؤلاء اللاعبين قارنوا بين حالهم قبل الاحتراف، وأرصدة الملايين التي انهالت عليهم فجأة، وحال أقرانهم من الشباب من حملة البكالوريوس، والماجستير، والذين مازال بعضهم يبحث عن فرصة عمل، والبعض الآخر يعمل « نصف يوم» في مقابل ثلاثة آلاف ريال، لصار احترافنا في وضع أفضل. كنت قبل أكثر من خمسة مواسم، أراهن على أحقية اللاعب محمد نور لاعب الاتحاد وقائده، في الاحتراف، فهو واحد من طراز اللاعبين الذين لديهم المهارة والقيادة، علاوة على ما يتميز به من مكر ودهاء وذكاء. لكن مشكلة محمد نور أنه مازال يتعامل مع الاحتراف بعقلية لاعب الحارة، ويؤمن كثيراً بقوانين بعض ملاعب الحارة، ومنها «إما ألعب ولاّ أخرّب»، وهذا بطبيعة الحال لا يصلح في زمن الاحتراف، والأنظمة والقوانين الرياضية الدولية. أنظروا إلى ما آل إليه مصير لاعب كان «الأول» في الملاعب المحلية، وترحموا على أيام ذلك الرعيل الأول الذين لم نشهد أيامهم الجميلة، فقد كانوا بحسب روايات المعاصرين، لاعبون «محترفون» ملأوا أرصدتهم بحب الناس لهم، وكانوا يدفعون لشراء ملابسهم الرياضية من جيوبهم. إن المشكلة ليست في «نور» وحده، ولكنها في كل جيله، فلكل واحد من المحترفين السعوديين قصة وحكاية، باعدت بينه وبين تطبيق الاحتراف على نفسه أولاً، وكم من لاعب فوّت على نفسه الكثير من الفرص بسبب أنه مازال لاعب هاو في هيئة محترف. ولعل من حسن الحظ أن مجلس الوزراء الموقر، أقر أخيراً مشروع إنشاء أكاديميات للأندية، وقبل ذلك بدأت أكاديمية الأهلي من خمس سنوات، ونتائجها على المستوى الفني والثقافة الرياضية دراسة وتطبيقاً ، هي الحل والبوابة الرئيسية إلى عالم الاحتراف الحقيقي. [email protected]