كشفت دراسة ميدانية وجود تخبّط وضبابية في نظرة اليمنيات إلى مفهوم العمل السياسي وغياب ثقتهن بالأحزاب والمرشحات من بنات جنسهن، في شكل يجعل النساء القياديات مجرد ديكور للرجال. وذكرت الدراسة التي اعدها مركز أسوان للدراسات والبحوث الاجتماعية والقانونية، وشملت 500 امرأة من خمس محافظات، اضافة الى مقابلات مركزة مع 28 امرأة، من شخصيات عامة وحزبيات وإعلاميات وحقوقيات ومرشحات، أن علاقة المرأة بالأحزاب والعمل في الشأن العام ما زالت محكومة بالتبعية للرجل والاستغلال السياسي. فعلى رغم ارتفاع نسبة غير الحزبيات (89,2 في المئة من اجمالي العينة) بلغت نسبة اللاتي يمتلكن بطاقات انتخابية ويشاركن في الاقتراع 75,5 في المئة. وذكرت 78.9 في المئة أنهن لم يشاركن خلال السنوات الأخيرة في نشاطات حزبية، و40.4 في المئة، لا يعلمن شيئاً عن النشاطات الحزبية التي تقام في مناطقهن السكنية. وأكدت الدراسة استغلال الأحزاب للنساء واستخدامهن كمجرد صوت انتخابي، ما أدى الى اتساع الفجوة بين النساء والأحزاب. وأفادت 18 في المئة بأنهن لا يثقن ابداً بالأحزاب، في مقابل 6.2 في المئة يثقن بها الى حد كبير. وبلغت نسبة اللاتي قلن إنهن لا يثقن بدعوة الأحزاب المرأة الى المشاركة السياسية 55.4 في المئة. وبالنسبة الى الجهات المدافعة عن قضايا المرأة، احتل المجتمع المدني المرتبة الأولى، تليه الجهات المانحة، ثم حزب المؤتمرالشعبي الحاكم، واللقاء المشترك (تحالف المعارضة) وشيوخ القبائل. وكان لافتاً ارتفاع نسبة اللاتي يمنحن اصواتهن للرجل، اذ بلغت 61.5 في المئة. وقالت 20.8 في المئة أن الرجل اكثر جدية. و30.6 قلن إنه يتميز بالصدق والأمانه، في حين أرجعت 18 في المئة تصويتهن للرجال الى أوامر حزبية و8.4 في المئة الى الانتماء المناطقي والقبلي. وتؤكّد الدراسة غياب ارادة حقيقية لدى الأحزاب لدعم المرأة للوصول إلى المناصب السياسية، موضحة أن دعم الأحزاب للمرأة يتوقف على الخدمة المقدرة سلفاً لمصالح الحزب. وقالت إن اهتمام الأحزاب بقضايا المرأة يقتصر على الوثائق، ولكن دورها في الميدان غائب، ونظرة القيادات الحزبية من الرجال إلى دور المرأة، لا تختلف عن النظرة المجتمعية الفوقية لدورها، وهي نظرة ترى أن المناصب القيادية ينبغي أن تكون حكراً على الذكور، ولا ينبغي للمرأة أن تنافس عليها، كما أنها أصبحت تورث من الآباء للأبناء، وينظر إليها ككراس توفر الحصانة والاستمرارية للرجال. وتعتبر الدراسة القطاعات النسائية في الأحزاب أداة تمييز وتهميش للمرأة في العملية الحزبية. وذكر افراد العينة أن تصعيد الأحزاب شخصيات نسائية يتم وفق معايير ذاتية تحرص على اختيار الشخصيات الطيعة وغير المؤثرة. وما زالت الفجوة بين النساء والرجال في قيادات الأحزاب كبيرة. وتصل نسبة النساء في المستويات العليا إلى 18.9 في المئة، بينما تبلغ في المستوى الثاني 10.9 في المئة. وترجع الدراسة اخفاق المرشحات في الانتخابات النيابية والمحلية الى غياب تشجيع المجتمع للمرأة المنخرطة في الشؤون السياسية والحزبية بنسبة 14.9 في المئة، تليه الثقافة الذكورية 31.8 في المئة والنظرة التقليدية 12.6 في المئة، وتعرّض المرأة المرشحة للتشهير والتهديد من قبل الذكور 11.2 في المئة. وتكشف الدراسة ضغوطاً تمارسها قيادات بعض الأحزاب على المرشحات من أجل التخلي عن الترشّح لمصلحة الرجال. وتلفت الى عدم اشراك النساء في صناعة القرار. وتقول إن المرأة بالنسبة الى الأحزاب مجرد ديكور، له دور فقط في الانتخابات. ويتعزز ذلك مع الموقف السلبي للمرأة نفسها، منوهة بأن المرأة موجودة في سجلات الناخبين كرقم فقط، ولكنها غائبة عن الترشيح قياساً بحجمها في سجلات الناخبين. وتدعو الدراسة الى تشكيل حركة نسوية تضم مختلف النساء من كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وتعمل على محورين: الأول ثقافي يرمي إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في المجتمع، والثاني قانوني يهدف إلى التوعية بالقوانين التي تنطوي على تمييز ضد المرأة، مقدمة لتغييرها. وأخيراً، تؤكّد الدراسة أن وعي المرأة لدورها هو الأساس، اذ أن التمييز في إحدى صوره ناجم عن مشاركة نسائية محدودة في الأحزاب. وتعزو اخفاق المرشحات في الانتخابات الى اسباب يتعلق معظمها بالنظرة التقليدية للمرأة، ومنها أيضاً دعم قليل من الحزب لتمويل الحملات الانتخابية للنساء قياساً بما يقدمه للرجال، وتنظيم حملات انتخابية ضعيفة حين يتعلق الأمر بكون المرشح امرأة، وعدم قناعة قيادات حزبية بترشيح نساء للانتخابات في دوائرها، وبالتالي العمل ضدهن.