في اليوم الخامس لتوغل دباباتها في شمال سورية لملاحقة المسلحين الأكراد، شنت أنقرة ضربات جوية شمال مدينة جرابلس الحدودية السورية أمس، أسفرت عن سقوط 25 قتيلاً وصفتهم المصادر التركية ب «إرهابيين» في إشارة الى المسلحين، فيما تحدث «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن 35 قتيلاً «قروياً» سقطوا نتيجة الغارات، مشيراً الى أنها أتت بعد معارك عنيفة بين الجانبين ليلاً. وسادت مخاوف في تركيا من تعرضها لحرب استنزاف على جبهتين، في الشمال السوري والجنوب التركي، حيث قصف مسلحو «حزب العمال الكردستاني» مطار دياربكر (جنوب شرقي) أمس، فيما استهدفت «قوات سورية الديموقراطية» ذات الغالبية الكردية دبابات تركية في جنوب جرابلس، ما أدى إلى مقتل جندي تركي وجرح ثلاثة. واعتبرت الأوساط الأمنية في تركيا الهجوم على مطار دياربكر رسالة واضحة من «الكردستاني» حول استعداده لفتح جبهتين ضد الجيش التركي في جنوب شرقي تركيا وشمال سورية. وضاعفت قلق الأوساط التركية معلومات عن استخدام المسلحين الأكراد في هجومهم على الدبابات التركية صواريخ «تاو» أميركية التي حصلت عليها مختلف الفصائل المقاتلة في شمال سورية. وشكلت الضربات الجوية في شمال جرابلس، محاولة لتبديد القلق بعد تعرض الدبابات التركية للصواريخ. لكن أوساطاً أمنية تركية حذرت من أن يكون استهداف الدبابات بداية فتح جبهة جديدة للقتال مع «الكردستاني»، وشبهت موقف الحكومة التركية برد فعلها عام 1984 عندما أطلق المسلحون الأكراد أولى عملياتهم في دياربكر. ورجحت مصادر مطلعة أن تتوقف عملية التوغل التركية في شمال سورية عند حدود جرابلس لتتمدد غرباً فقط إلى الراعي ومن ثم إعزاز، بدلاً من مواصلة التقدم جنوباً نحو منبج والباب. كما توقعت أن تتدخل واشنطن وأطراف كردية في المنطقة من أجل التوسط بين أنقرة و «الكردستاني». وتتمتع «قوات سورية الديموقراطية» بدعم أميركي، باعتبارها حليفاً فعالاً ضد «داعش»، ما يعني ان تحرك تركيا ضد الجماعات المتحالفة مع هذه «القوات» يضعها في خلاف مع واشنطن ويزيد تعقيدات الحرب السورية. وأعلن «المرصد السوري لحقوق الانسان» أن القوات المتحالفة مع تركيا سيطرت على قريتين جنوب جرابلس هما جب الكوسا والعمارنة اللتين كانتا تحت سيطرة جماعات موالية ل «قوات سورية الديموقراطية». وأشار الى أن القتال أسفر عن مقتل 20 مدنياً في جب الكوسا و15 في العمارنة، وإصابة عشرات آخرين بجروح. وتسعى أنقرة إلى السيطرة على «منطقة آمنة» تمتد من جرابلس إلى إعزاز غرباً والباب جنوباً، من أجل قطع الطريق على أي محاولة للأكراد لوصل شريط في مناطق سيطرتهم من الحسكة شرق سورية إلى عفرين غرباً. لكن السلطات التركية تواجه مشكلة في إيجاد قوات تسيطر على تلك المنطقة «الآمنة»، ذلك أن القوات «المعتدلة» ضمن «الجيش السوري الحر» التي تعتمد عليها هناك، لا يتجاوز تعدادها 2000 مسلح، فيما تقدر مصادر عسكرية الحاجة إلى حوالى عشرة أضعاف هذا العدد لتنفيذ المهمة. وباءت مساعي أنقرة لاجتذاب فصائل المعارضة المسلحة السورية في إدلب وغيرها بالفشل، ما يعني ان لا بديل من الزج بعدد أكبر من الجنود الأتراك في شمال سورية، الأمر الذي يرجح أن يقابل برفض روسي، وممانعة من قيادة الجيش التركي ذاتها. في الوقت ذاته، تراهن أنقرة على عودة اللاجئين السوريين إلى المناطق التي حررها الأكراد من «داعش» من أجل تغيير تركيبة المجالس المحلية هناك وإبعادها عن سيطرة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الموالي ل «الكردستاني».