صوّت البرلمان العراقي أمس، على عدم قناعته بإجابات وزير المال هوشيار زيباري التي قدمها خلال جلسة الخميس، لاستجوابه في قضايا تتعلق بالفساد، ما يفتح الباب أمام خيار إقالته من منصبه خلال الأيام المقبلة، في أعقاب إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي الأسبوع الماضي. في الوقت ذاته، أثار قرار قضائي بسجن صبي في الثانية عشرة دين بتهمة سرقة علب مناديل ورقية، ضجة شعبية واستهجاناً، وقارن كثيرون بين سجن الصبي وتبرئة مسؤولين كبار من الفساد. وكان ممثل المرجع علي السيستاني انتقد في خطبة الجمعة الحكمَ ووصفه ب «الظالم». وعلى رغم أن زيباري من القيادات الكردية الأساسية وشغل وزارة الخارجية قرابة عشر سنوات، فضلاً عن قربه من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، فإن حظوظه بدت ضعيفة أمس بعدما فشلت كتلة «التحالف الكردستاني» التي تضم القوى الكردية الأساسية، في الحفاظ على تماسكها. ولم ينفع انسحاب «الحزب الديموقراطي الكردستاني» الذي ينتمي إليه زيباري، في الإخلال بالنصاب القانوني للجلسة لأن نواب كلٍ من «الاتحاد الوطني» و «التغيير» والقوى الإسلامية الكردية واصلوا حضور الجلسة وصوّت معظمهم لمصلحة عدم القناعة بأجوبة زيباري. وشهدت قاعة البرلمان صخباً واشتباكاً بالأيدي بين نواب حزب بارزاني والنائب هيثم الجبوري الذي استجوب زيباري، أعقبتها مغادرة حوالى 25 نائباً القاعة من دون الإخلال بالنصاب. وبحسب مراقبين، فإن طرح اسم زيباري لسحب الثقة منه، والمتوقع غداً، يشير إلى حجم الانقسام بين الأحزاب الكردية وعدم قدرة بارزاني على ضبط مواقف تلك الأحزاب في بغداد، وهو ما كان يمثل عامل قوة للأكراد سابقاً. وتشير أحداث أمس إلى تراجع نفوذ بارزاني لدى القوى السياسية العراقية، وعدم قدرة القيادات السياسية الرئيسية على ضبط إيقاع البرلمان. واعتبر النائب عن «دولة القانون» علي الفياض، أن استجواب زيباري جاء ب «دوافع سياسية»، مؤكداً ل «الحياة» أن «وزير المال نجح في إدارة الوزارة خلال فترة مالية عصيبة تمر بالبلاد، ونجح في مفاوضات قروض البنك الدولي، وساهم كثيراً في الحصول على قروض لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين». لكن النائب عن «كتلة التغيير» الكردية هوشيار عبدالله، أكد أن كتلته صوّتت، لصالح عدم القناعة بالأجوبة التي قدمها زيباري، قائلاً «إننا غير مقتنعين بأجوبة وزير المال، وموقفنا يختلف عن موقف كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني». وتحدث مثل هذه المفارقة للمرة الأولى منذ سنوات، أن يؤيد نائب عن كتلة «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وزيراً من حزب بارزاني، فيما يعارض نائب كردي وزيراً كردياً ويصوت ضده، ما يعكس صراعات داخلية كردية على طبيعة العلاقة مع بغداد. وأثارت جلسة أمس، مشادات كلامية مع النواب من الحزب الديموقراطي ما دعا رئيس كتلة الحزب، خسرو كوران، إلى اتهام هيثم الجبوري بتحويل أموال إلى مصارف خليجية. وإثر المشادة قرر رئيس البرلمان سليم الجبوري رفع الجلسة مدة نصف ساعة، وبعد استئنافها عاد النقاش فاندلعت مشادة أخرى بين النائب عواطف نعمة عن ائتلاف «دولة القانون» والنائب أشواق الجاف عن كتلة بارزاني، تحوّلت إلى عراك بالأيدي. كما شهدت الجلسة مشادات كلامية واشتباكات بالأيدي بين النائب هيثم الجبوري ونواب عن كتلة «التحالف الكردستاني».