انتقل زعيم المعارضة في جنوب السودان رياك مشار، الذي غادر أول من أمس مستشفى كان يتلقى فيه العلاج، إلى موقع آمن في إحدى مناطق العاصمة السودانية الخرطوم، واستعد أمس، للتوجه إلى الأردن لاستكمال العلاج، بينما تمسكت جوبا برفض نشر قوات إقليمية قبل أيام من زيارة سفراء مجلس الأمن للبلاد الجمعة المقبل. وقال قرنق بول، مساعد مشار، ل «الحياة» أمس: «إن زعيم المعارضة غادر المستشفى الذي مكث فيه 9 أيام واتجه إلى مكان في الخرطوم»، رافضاً الإفصاح عنه لأنه لا يزال مستهدفاً، وأكد أن صحته مستقرة بعد تلقيه العلاج على أيدي أطباء سودانيين، وتوقع أن يشرع في إجراءات سفره إلى الأردن لاستكمال العلاج. ويُفترَض أن يلتقي مشار الرئيس عمر البشير باعتبار أن بلاده عضو في وساطة «الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا» (إيغاد) لإطلاعه على حقيقة الوضع في جوبا، ومناقشة مستقبل عملية السلام. وكشفت مصادر جنوبية في الخرطوم عن أن مشار تعافى من التقرحات التي أُصيب بها في رجله بسبب سيره 40 يوماً، وخفّت مضاعفات أمراض السكر وضغط الدم التي تعرّض لها جراء مطاردته من قبل قوات الرئيس سلفاكير ميارديت لاغتياله، موضحاً أنه يعتزم السفر إلى الأردن لعلاج إحدى عينيه لتدهورها بسبب إصابتها بالتهاب ونفاد الأدوية التي كان يتعاطاها، وبكائه الشديد على مساعديه وكبار قادته الذين قُتلوا في المواجهات وقصف قوات سلفاكير أثناء هروبه من جوبا نحو الحدود الكونغولية. وأفادت تقارير أن الإدارة الأميركية طالبت الحكومة السودانية بنقل مشار من الخرطوم إلى دولة جنوب أفريقيا، وذلك خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قبل أيام إلى نيروبي، حيث اجتمع بوزراء خارجية دول «إيغاد». وعبّر كيري لنظيره السوداني إبراهيم غندور عن رغبة بلاده بنقل مشار من الخرطوم إلى جوهانسبرغ. وكانت الحكومة السودانية أعلنت رسمياً الثلثاء الماضي وجود مشار في الخرطوم، بعد الاتفاق مع حكومة جوبا، التي أبلغتها الحكومة السودانية بعد أيام من وصول مشار إليها ودخوله مستشفى حكومي. إلى ذلك يعتزم سفراء الدول ال15 في مجلس الأمن زيارة جنوب السودان الأسبوع المقبل سعياً لإقناع سلفاكير بالقبول بنشر قوة إقليمية تحت طائلة فرض عقوبات. وحدد السفراء موعد زيارتهم من 2 وحتى 7 أيلول (سبتمبر) المقبل. وأجاز مجلس الأمن في 12 آب (أغسطس) الجاري، نشر 4 آلاف جندي إضافي للأمم المتحدة من أجل توفير الأمن في جوبا وردع الهجمات ضد القواعد الدولية. ونفت حكومة جنوب السودان تصريحات وزير الخارجية الأميركية بأنها وافقت على نشر قوات الحماية الإقليمية في جوبا الشهر المقبل. وقال الناطق باسم رئاسة جنوب السودان أتينغ ويك أتينغ: «إن ما جاء في تصريحات جون كيري بقبول حكومة جنوب السودان بنشر القوات الإقليمية غير صحيح»، مشيراً إلى أن «الأمر لا يزال متروكاً البرلمان القومي ليقرر». في المقابل، قال رئيس مفوضية مراقبة وتقييم اتفاق السلام في جنوب السودان فيستوس موغاي أمس، إن القوات التي قرر مجلس الأمن نشرها في جوبا مهمتها «حفظ السلام وليس لمحاربة أحد». ودعا عقب اجتماعه مع سلفاكير أمس، أطراف اتفاق إلى الموافقة على نشر القوات الإقليمية والعمل على «تعبئة المواطنين لمساندة عملية السلام». وأضاف: «يجب أن ننخرط مع المجتمع الدولي حول ما اتُفق عليه بدلاً من الرفض القاطع»، مشيراً إلى أن مفوضية المراقبة ستعمل مع سلفاكير ونائبه الجديد تعبان دينق، على تنفيذ بنود اتفاق السلام. على صعيد آخر، ألقت السلطات السودانية القبض على كبار تجار العملة في محاولة للسيطرة على تراجع العملة الوطنية «الجنيه» أمام الدولار في السوق الموازي، وسط أنباء عن تحركات في البرلمان لعقد جلسة طارئة لمناقشة الوضع الاقتصادي المتدهور. وبدأ الجنيه السوداني يتهاوى أمام العملات الأجنبية، منذ نيسان (أبريل) الماضي، وقال متعاملون في السوق الموازي إن السلطات الأمنية شنت حملة واسعة أسفرت عن توقيف 26 تاجراً من أكبر تجار العملة بسجن في شمال الخرطوم. وقال محافظ البنك المركزي عبد الرحمن حسن إن المتاجرين في العملة لابد أن يحاكموا بتهمة الخيانة العظمى التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. وأفادت مصادر باتجاه نواب إلى الدعوة لعقد جلسة طارئة للبرلمان لمناقشة الأوضاع الاقتصادية في ظل تراجع العملة الوطنية وارتفاع الأسعار. وأعلنت إحدى أكبر شركات الغاز في السودان، هذا الأسبوع، عن زيادة جديدة في أسعار غاز الطهي بعد أشهر من تطبيقها زيادات «كبيرة». وذكرت أن قيادات في حزب المؤتمر الوطني بدأت تحركات في الحزب لمناقشة المعالجات الاقتصادية التي أنتجها الفريق الاقتصادي الحالي في الحزب والحكومة. ولم يستبعد برلمانيون تبني حزمة إجراءات من بينها المطالبة بإقالة وزير المال بدر الدين محمود ومحافظ المصرف المركزي عبد الرحمن حسن.