نفى المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب أن يكون يريد تليين موقفه من مسألة الهجرة السرية، لكن الغموض التام يلف خطته في هذا الشأن. وبعدما أكد لأكثر من سنة أن طرد 11 مليون مهاجر يقيمون بطريقة غير قانونية أمر غير قابل للتفاوض إذا أصبح رئيساً، وتحدث عن قوة ستُخصَص لعمليات الإبعاد هذه، أثار ترامب التباساً عندما صرح الثلثاء الماضي، أنه «يمكن أن تكون هناك ليونة بالتأكيد لأننا لا نريد ايذاء الناس». وأوضح أن المهاجرين السريين الذين لم يرتكبوا جنحاً خطيرة يمكنهم البقاء مقابل دفع ضرائب بمفعول رجعي ومن دون أن يتمكنوا من الحصول على الجنسية. وتسببت هذه التصريحات بصدمة لدى المحافظين الذين يرفضون أي اقتراح لتسوية أوضاع المقيمين بطريقة غير قانونية. والفصل الأخير من هذا المسلسل حدث أول من أمس، خلال مهرجان انتخابي كرر خلاله ترامب أن الجدار على الحدود مع المكسيك «سيُبنى بنسبة مئة في المئة». وتحدث في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» عن «تشديد» مشروعه لمكافحة الهجرة. ورداً على سؤال عن مصير المهاجرين السريين وهل يمكنهم تسوية أوضاعهم، قال ترامب إن عليهم مغادرة البلاد والعودة في شكل قانوني. ورداً على سؤال عما إذا كان سيطرد العائلات التي لا ترحل من تلقاء نفسها، قال: «سنرى عندما نعزز الحدود»، مشيراً إلى أن إبعاد 11 مليون شخص سيستغرق بعض الوقت. أما أولويته فهي إبعاد «العناصر السيئين» مثل افراد العصابات أو كارتيلات المخدرات. وهذه هي سياسة الرئيس باراك اوباما والجمهوريين المعتدلين بالتحديد. هذه المواقف المترددة تشير الى أمر واحد أكيد هو أن خطة ترامب حول الهجرة تحتاج الى الوقت. والوثيقة الوحيدة التي نشرها فريقه في هذا الشأن تعود الى آب (أغسطس) 2015. ووعد بأن يكشف مقترحاته قريباً في خطاب. وقال مدير المنتدى الوطني للهجرة علي نوراني أن على «ترامب أن يقدم أفكاراً محددة والكف عن إطلاق بالونات اختبار». أما بنظر منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، ترامب لم ولن يتغير. وخصصت خطاباً كاملاً أول من أمس لمحاولة برهنة أن خصمها يؤجج العنصرية معتبرةً أن ترشحه يتلخص بكلمتين هما «الأحكام المسبقة والارتياب». كما اتهمت المرشحة الديموقراطية ترامب بأنه ينتمي إلى حركة «اليمين البديل» (آلت رايت بالانكليزية)، وهو تيار يميني متطرف قومي وعنصري ينشر على الانترنت عدداً من نظريات المؤامرة وينتمي إليه ستيف بانون المدير الجديد لحملة ترامب، مدير الموقع الالكتروني «بريتبارت». وكدليل اضافي على صحة ما تقوله، أشارت كلينتون إلى حضور نايجل فاراج الزعيم السابق لحزب الاستقلال البريطاني (يوكيب) المشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي مهرجاناً للجمهوريين. وقالت كلينتون في مدينة رينو بولاية نيفادا إن «رجلاً لديه تاريخ طويل من التمييز العنصري ويهوى نظريات المؤامرة الغامضة التي تؤخذ من صفحات الصحافة الصفراء والانترنت، يجب ألا يتولى ابداً ادارة حكومتنا أو قيادة جيشنا». وكشفت قضايا تتعلق بتمييز عنصري عندما كان الشاب ترامب يؤجر شققاً في نيويورك. وأضافت أنه «روّج للكذبة العنصرية التي تفيد بأن الرئيس اوباما ليس مواطناً أميركياً». ثم عددت سلسلة من القضايا التي اثارت جدلاً منها رفض ترامب سحب دعمه لزعيم سابق لمنظمة «كو كلاكس كلان» العنصرية. ورد ترامب على كلينتون باتهامها بأنها عنصرية. وقال: «إن هيلاري كلينتون طائفية، في نظرها ليس السود سوى اصوات انتخابية». وأكد أن «كل السياسات التي تدعمها كلينتون خيّبت أمل الملونين في هذا البلد وخانتهم». وأضاف أنها تريد فتح الحدود «ما يشكل انتهاكاً للحقوق المدنية للسود عبر منح وظائف للمهاجرين السريين». في سياق متصل، أكد خبراء في المجموعة المصرفية «سيتي غروب» في مذكرة نُشرت أول من أمس، أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يشهد انكماشاً اذا انتُخب ترامب رئيساً في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.