نفى رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم أمس الجمعة مزاعم مفادها أن أنقرة تركّز في عمليتها العسكرية المستمرة في سورية لليوم الثالث على الأكراد، معتبراً أنها «أكاذيب». وقال يلديريم في مؤتمر صحافي: «سنواصل العمليات حتى ضمان أمن حدودنا بنسبة مئة في المئة (...) وحتى نطرد عناصر داعش خارج المنطقة». وجاء تصريحه فيما قال قائد في المعارضة السورية المسلحة التي استولت هذا الأسبوع على بلدة جرابلس الإستراتيجية من تنظيم «داعش» إن المعارضة تهدف إلى التحرك غرباً في المرحلة المقبلة من عمليتها المدعومة من تركيا، وهو تقدم قد يستغرق عدة أسابيع أو عدة أشهر لإنجازه. وقال العقيد أحمد عثمان قائد جماعة «السلطان مراد» ل «رويترز» إن عناصر المعارضة لا يرغبون في قتال القوات الكردية التي تقدمت في شمال سورية في إطار عملية منفصلة ضد «داعش» لكنهم سيفعلون ذلك إذا اقتضت الضرورة. وجماعة «السلطان مراد» هي واحدة من جماعات المعارضة الرئيسية السورية المشاركة في العملية التي أسفرت يوم الأربعاء عن طرد «داعش» من جرابلس الحدودية بمساعدة قوات خاصة وطائرات حربية ودبابات من تركيا. وتهدف العملية إلى طرد «داعش» من معقله الأخير على الحدود السورية - التركية كما تهدف أيضاً إلى منع أي مكاسب أخرى لميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية التي أثار نفوذها المتنامي قلق تركيا في الوقت الذي تتصدى فيه لتمرد كردي على أراضيها. وقال عثمان الذي كان يتحدث ل «رويترز» من جرابلس إن الأولوية الآن للتقدم لنحو 70 كيلومتراً باتجاه الغرب إلى بلدة مارع التي يخوض فيها مقاتلو المعارضة قتالاً منذ فترة طويلة مع «داعش». وأضاف أنهم يرغبون في تطهير المنطقة قبل التوجّه جنوباً. وتابع أن الإخفاق في ذلك الهدف سيعرّض مقاتلي المعارضة لخطر هجوم مضاد من «داعش». وقال إن الأولوية هي التحرك من جرابلس إلى قرية الراعي وصولاً إلى مارع. واستولت المعارضة هذا الشهر على قرية الراعي الواقعة بين جرابلس ومارع. وقال عثمان إن هناك عشرات القرى بين جرابلس ومارع يتعين استعادتها من «داعش»، موضحاً أن تحرير هذه القرى يتطلب عدة أسابيع وربما شهوراً بحسب طبيعة المعركة. وتقاتل جماعات المعارضة المشاركة في العملية تحت لواء «الجيش السوري الحر» وتتلقى المساعدة بدرجات متفاوتة من الأعداء الخارجيين للرئيس السوري بشار الأسد بما في ذلك المساعدات العسكرية والتدريب. وقال عثمان (49 سنة) إن تركيا والتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد «داعش» وتشارك فيه تركيا يحرص على تقديم الدعم الجوي للعملية. وتقدمت قوات المعارضة أيضاً جنوباً من جرابلس باتجاه مدينة منبج التي استعاد تحالف «قوات سورية الديموقراطية» الذي يضم مقاتلين من الأكراد، السيطرة عليها من «داعش» في وقت سابق هذا الشهر. وعبرت «قوات سورية الديموقراطية» نهر الفرات لتنفيذ الهجوم على منبج. وتطالب تركيا مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية بالعودة مرة أخرى عبر النهر. وقوات المعارضة التي تقاتل بدعم تركي معادية ل «وحدات حماية الشعب» الكردية واشتبك الجانبان مراراً منذ العام الماضي. وقال عثمان إن قواته لا تنوي حالياً مواجهة «وحدات حماية الشعب» الكردية لكنها ستفعل إذا اضطرت لذلك. وقال عثمان - الذي انشق على الجيش السوري للانضمام للانتفاضة في 2012 - إن الأمر قد يتطلب زيادة أعداد مقاتلي المعارضة عن المستوى الحالي الذي يتراوح بين 1200 و1500 لتنفيذ بعض العمليات. وأضاف أنهم مستعدون للمساهمة بأعداد أكبر وفق طبيعة المعركة. وأفادت وكالة أنباء الأناضول التركية أول من أمس أن المدفعية التركية قصفت أهدافاً تابعة لقوات حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي («وحدات حماية الشعب») في شمال سورية بعدما أحرزت تقدماً منتهكة اتفاقاً مع الولاياتالمتحدة. ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية قولها إن الجيش التركي سيستمر في التدخل ضد «وحدات حماية الشعب» حتى تبدأ انسحابها، مشيرة إلى أن الميليشيا الكردية سيطرت منذ الأربعاء على سبع قرى في المنطقة. وذكرت صحيفة «حرييت» أن طائرة من دون طيار تركية رصدت عناصر هذه الميليشيا على مسافة 10 كلم شمال مدينة منبج السورية. وأضافت أن المدفعية التركية قصفت بمدافع هاوتزر هذه العناصر من داخل الأراضي التركية، مشيرة إلى «مقتلهم جميعاً» من دون مزيد من التفاصيل. وسيطر «داعش» منذ صيف العام 2013 على جرابلس التي تبعد كيلومترات قليلة من الحدود السورية - التركية، ويبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة بينهم الكثير من التركمان السوريين. وكانت تشكل آخر نقطة عبور للتنظيم المتطرف على الحدود. وأذهلت سرعة استعادة جرابلس الخبراء في حين استغرقت استعادة الأكراد للمدن التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف في شمال سورية، مثل كوباني أو منبج، معارك استمرت فترة طويلة. وأظهرت لقطات تلفزيونية مقاتلين سوريين يسيرون وسط شوارع مهجورة في جرابلس من دون مقاومة ونشرت الصحف صوراً تظهر المقاتلين يلتقطون سلفي شخصية على طول الطريق. وقال مصور وكالة «فرانس برس» إن دبابات وسيارات إسعاف اجتازت الحدود قرب بلدة كركميش التركية في جنوب البلاد ودخلت الأراضي السورية. والعملية هي الأكبر التي تطلقها تركيا منذ بدء النزاع في سورية قبل خمس سنوات ونصف السنة. وقال مسؤول تركي رفض كشف اسمه: «فكرنا في تنفيذ العملية في حزيران (يونيو) 2015 لكنها تأجلت بسبب ثلاثة عوامل»، مشيراً إلى عدم رغبة الجيش التركي، والدعم الأميركي الضعيف لمثل هذه الخطة والحادث الجوي مع روسيا. على صعيد آخر، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن اشتباكات عنيفة تدور «بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، وجبهة فتح الشام والفصائل الإسلامية والمقاتلة والحزب الإسلامي التركستاني من طرف آخر، في عدة محاور جنوب وجنوب غربي مدينة حلب، وفي أطراف الكلية الفنية الجوية ومشروع 1070، جنوب حلب، ومحور الجمعيات، ترافقت مع تنفيذ طائرات حربية غارات على مناطق الاشتباك». وفي محافظة إدلب، قال «المرصد» إن طائرات شحن ألقت مساعدات على بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين واللتين يقطنهما شيعة في ريف إدلب الشمالي الشرقي، فيما قُتل ثلاثة بينهم طفلة ومواطنة وأصيب 10 بينهم 3 مواطنات جراء قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة على قرية الجانودية الواقعة بريف مدينة جسر الشغور. وفي محافظة حماة (وسط)، تحدث «المرصد» عن اشتباكات بين القوات النظامية وبين تنظيم «داعش» في محور سلمية - أثريا بريف حماة الشرقي. وفي محافظة دير الزور (شرق)، أفاد «المرصد» أن رتلاً لتنظيم «داعش» ضم عشرات الآليات والعربات التي تحمل مقاتلين وأسلحة وذخيرة عبر ريف دير الزور الغربي، مرجحاً «أن يكون الرتل منسحباً من ريف حلب الشمالي الشرقي وأن التنظيم يقوم بنقله إلى العراق».