خيّب جوزف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، أمل المسؤولين الأتراك، إذ حضّهم في أنقرة أمس على الصبر في قضية الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، منبهاً إلى أن تسليمه مرتبط بالقضاء ويخرج عن سلطة الرئيس باراك أوباما. ووصف المحاولة الفاشلة بأنها «جريمة»، مفنّداً اتهامات لواشنطن ب «التآمر» مع المنفذين. والتقى بايدن الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ورئيس البرلمان إسماعيل حقي كهرمان. وتفقّد أقسام البرلمان التي قُصِفت خلال المحاولة الانقلابية ليل 15-16 تموز (يوليو) الماضي، معتبراً أنها أوضحت لكثيرين أهمية الديموقراطية في تركيا، ومؤكداً أهمية دور أنقرة في الحلف الأطلسي. لكن عشرات الشبّان نظموا احتجاجاً أثناء توجّه موكب نائب الرئيس الأميركي إلى مقرّ رئاسة الحكومة. وأكد بايدن أن «الولاياتالمتحدة لم تعلم مسبقاً بما حصل في 15 تموز، ولم يحصل أي تآمر مع منفذي عمل جبان». وتمنّى لو أن غولن لم يأتِ إلى الولاياتالمتحدة حيث يقيم منذ عام 1999، لافتاً إلى أنه «يتفهّم المشاعر الحادة لدى حكومة تركيا وشعبها حياله». وأضاف في مؤتمر صحافي مع يلدرم: «نتعاون مع السلطات التركية. خبراؤنا القانونيون يعملون الآن مع نظرائهم الأتراك على إعداد مواد وأدلة وتقويمها، والتي يجب تسليمها إلى محكمة أميركية تلبية لمتطلبات قانوننا، لتسليم غولن». وسعى إلى طمأنة الأتراك إلى أن واشنطن لا تحمي الداعية، قائلاً: «ليست لدينا أي مصلحة في حماية أي فرد ألحق أذى بحليف». واستدرك: «علينا أن نلتزم المعايير المشروعة بموجب قانوننا». ونبّه إلى أن أوباما لن يتدخل في عملية التسليم، مذكّراً بأن القانون الأميركي «لا يمنح أي رئيس للولايات المتحدة سلطة تسليم أي شخص، (بل) يمكن لمحكمة أميركية فعل ذلك. إذا حاول رئيس فعل ذلك، سيشكّل الأمر جريمة تمهّد لعزله». وأشار إلى أن «عجلات العدالة تتحرّك ببطء»، مبدياً «تفهّماً تاماً لسبب غضب الشعب التركي»، ومستدركاً: «يجب ألا يكون هناك شكّ في أننا سنواصل العمل عن كثب مع الحكومة التركية، فيما تتّضح هذه العملية». في المقابل، سلّم يلدرم نائب الرئيس الأميركي وثائق جديدة، ذكرت مصادر تركية بأنها تؤكد تورط غولن بالمحاولة الانقلابية. وأضاف يلدرم: «إذا سُرِّعت عملية إعادة (غولن) إلى بلدنا من أجل معاقبته، وإذا تواصل تعزيز تعاوننا في هذا الصدد، فإن حزن الشعب التركي وخيبته سيتحوّلان سريعاً مشاعر إيجابية» إزاء الولاياتالمتحدة. أما أردوغان فلفت إلى أن أنقرةوواشنطن شريكتان استراتيجيتان، معتبراً أن «لا مبرّر» يحول دون أن تسلّم الولاياتالمتحدة غولن، وأن عليها «ألا تجادل إذا أرادت دولة أن تتسلّم مجرماً يقيم» على أراضيها. وذكّر مسؤول تركي بأن «الولاياتالمتحدة حمّلت أسامة بن لادن مسؤولية هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، وسعت الى القضاء عليه من دون دليل على ارتباطه بالهجمات في شكل مباشر»، فيما أعلن وزير العدل التركي بكير بوزداغ أن بلاده ستقدّم الأسبوع المقبل طلباً رسمياً لتسليم الداعية. لكن مسؤولاً أميركياً يرافق بايدن لفت إلى أن «تركيا قدّمت أربعة طلبات مختلفة لتسليمها غولن، وهي مرتبطة بادعاءات لنشاطات جرمية سابقة للمحاولة الانقلابية»، تعود إلى عام 2015 أو قبل ذلك. وتابع أن «الأتراك لم يقدّموا طلب تسليم مرتبط بتورط غولن بالمحاولة، ولم يقدّموا أيضاً أدلة محتملة تربطه بها». على صعيد آخر، أعلن أردوغان أن الاتحاد الأوروبي لم يقدّم ثلاثة بلايين يورو تعهد منحها لتركيا، بموجب اتفاق يلزم أنقرة المساهمة في وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى التكتّل، في مقابل نيلها مساعدات واستثناء الأتراك من التأشيرات لدخول أوروبا.