فرضت وساطة روسية مدعومة بضغط قادة عسكريين من قاعدة حميميم في اللاذقية، هدنة في الحسكة قضت بخروج القوات النظامية السورية، عدا عناصر الشرطة، من المدينة وتسليمها إلى قوات الأمن الكردية (أسايش)، في وقت قصف الجيش التركي مواقع «داعش» والأكراد في ريف حلب تمهيداً لتسليم مدينة جرابلس الحدودية إلى عناصر من «الجيش الحر» تدعمهم أنقرة لقطع الطريق على هجوم كان يخطط له تحالف كردي - عربي. وأعلن مسؤول في المكتب الإعلامي التابع للإدارة الذاتية الكردية في شمال سورية، أنه تم التوصل إلى «اتفاق نهائي حول وقف إطلاق النار (الهدنة) برعاية روسية» بين وحدات حماية الشعب الكردية والقوات النظامية في مدينة الحسكة. وأكد التلفزيون الرسمي السوري بدوره التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يتضمن «تسليم الجرحى وجثامين الشهداء وتبادل الأسرى». وعُقد أول من أمس اجتماع في قاعدة حميميم الجوية التي تستخدمها القوات الروسية بحضور مسؤولين أكراد، في مسعى للتوصل إلى اتفاق ينهي معارك الحسكة. وبحسب الإدارة الذاتية، فإن بنود الاتفاق تتضمن «انسحاب القوات المسلحة من المدينة وتسلم وحدات حماية الشعب الكردية مواقعها إلى قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش)، كما يتم تبادل الأسرى والجرحى بين الطرفين»، وفتح الطرقات التي تم إغلاقها نتيجة الاشتباكات. وأوضح مصدر كردي أن «وحدات حماية الشعب الكردية والقوات النظامية والمسلحين الموالين لها، ستخرج من المدينة، على أن تبقى فيها قوات الأسايش فضلاً عن قوات الشرطة المدنية الرسمية التي سيقتصر تواجدها على المربع الأمني» حيث يقع مبنى المحافظة. وكانت مدينة الحسكة مقسمة بين الأكراد الذين يسيطرون على ثلثي المدينة، والقوات النظامية في الجزء المتبقي منها، إلا أنه وخلال المعارك الأخيرة تمكن الأكراد من التقدم وباتوا يسيطرون على 90 في المئة من المدينة، وانحصر تواجد القوات النظامية في حيين فقط في وسطها، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». في موازاة ذلك، قصفت المدفعية التركية أمس مواقع ل «داعش» شمال سورية رداً على سقوط قذائف هاون وصواريخ على أراضيها، بينما يستعد مئات من المعارضين السوريين المسلحين المدعومين من أنقرة في الجانب التركي، لشن هجوم على الإرهابيين في جرابلس. وأبلغ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس، أن تركيا ستقدم كل الدعم لعملية انتزاع السيطرة على جرابلس، معتبراً ذلك مهماً لأمن بلاده. وذكرت محطة «سي. إن. إن. ترك» التلفزيونية، أن الشرطة التركية أصدرت تعليمات لسكان بلدة قرقميش المواجهة لجرابلس بمغادرتها بعد تعرضها للقصف من الجانب السوري (مناطق سيطرة داعش). وقال مسؤول تركي إن هجوم فصائل «الجيش الحر» على جرابلس ناجم من رغبة تركيا في منع القوات الكردية من السيطرة عليها، فيما صرّح مدير «المرصد السوري» رامي عبدالرحمن بأن القصف المدفعي التركي على شمال سورية في الساعات الماضية هدفه «منع تقدّم القوات المدعومة من الأكراد (أي قوات سورية الديموقراطية) باتجاه جرابلس»، لافتاً الى أن القصف تركّز «على المنطقة الفاصلة بين منبج وجرابلس». من جهة أخرى، اغتال مجهولون عبدالستار الجادر، قائد «مجلس جرابلس العسكري» الذي تشكل من ألوية منضوية في «قوات سورية الديموقراطية» في ريف حلب الشمالي، وذلك بعد ساعات فقط من إعلان تشكيل هذا المجلس المدعوم من الأكراد بهدف طرد «داعش» من جرابلس. واتهم مصدر في «قوات سورية الديموقراطية» من سماهم ب «عملاء الاستخبارات التركية» بالوقوف وراء عملية الاغتيال «في محاولة لعرقلة عملية تحرير مدينة جرابلس». في غضون ذلك، انتشرت معلومات على نطاق واسع في أوساط المعارضة عن وحدة قريبة لمجموعة كبيرة من أبرز الفصائل المسلحة في شمال سورية يُمكن أن تُعلن «خلال أيام». وقالت مواقع معارضة أن الوحدة ستشمل «حركة أحرار الشام الإسلامية» و «جبهة فتح الشام» («النصرة» سابقاً) و «حركة نور الدين زنكي» وفصائل أخرى محسوبة على «الجيش الحر». وستأتي هذه الوحدة بعد أيام من إعلان «النصرة» فك ارتباطها ب «القاعدة» وتغيير اسمها إلى «فتح الشام»، وستستبق انتهاء مشاورات أميركية - روسية لتحديد الجماعات المتطرفة التي سيتم توجيه ضربة مشتركة لها في سورية. ويسعى الروس منذ فترة إلى إقناع الأميركيين بضرب «النصرة» وعدم الاكتفاء ب «داعش». وأثار إعلان زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني تغيير اسم جماعته إلى «فتح الشام» مشكلة داخل تنظيمه، بعدما أعلن إثنان من أبرز قادة «النصرة» رفضهما فك الارتباط ب «القاعدة». وقال إياد الطوباسي («أبو جليبيب الأردني») الذي يوصف بأنه من «أبرز وجوه القاعدة» ومن مؤسسي «النصرة» في تغريدات على «توتير»: «موقفي من جبهة فتح الشام هو الانفصال التام وقطع كل الروابط التنظمية والعضوية معها». وسانده في موقفه هذا بلال خريسات («أبو خديجة الأردني») الذي لفتت شبكة «الدرر الشامية» إلى أنه من مؤسسي «النصرة» وقادها كأمني وشرعي في الغوطة الشرقية وحمص قبل انتقاله إلى إدلب. وفي نيويورك (الحياة)، استبق سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن وسورية صدور تقرير غير مسبوق يتوقع أن يوجه الاتهام للمرة الأولى الى جهات استخدمت أسلحة كيماوية في سورية، في محاولات لتوجيه الأنظار في اتجاهات مختلفة بعد صدور التقرير. وتوقع ديبلوماسيون أمس أن يصدر التقرير «خلال ساعات» ليكون الأول من نوعه في الأممالمتحدة يحدد جهات استخدمت أسلحة كيماوية في سورية، بينها غاز الكلورين، أعدته لجنة مشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بناء على قرار صدر العام الماضي في مجلس الأمن. وقال السفير البريطاني في الأممالمتحدة ماثيو ريكروفت إن مجلس الأمن «يجب أن يكون مستعداً للنظر في إجراءات عقابية قوية» بناء على نتائج التقرير، متوقعاً أن الأدلة التي سيتضمنها «ستدل بإصبع الاتهام الى حكومة الأسد بالوقوف وراء هجمات كيماوية، وكذلك الى تنظيم داعش ومجموعات إرهابية أخرى». وحذر السفير الروسي في الأممالمتحدة فيتالي تشوركين في جلسة حول أسلحة الدمار الشامل أمس من وقوع هذه الأسلحة في أيدي تنظيمات إرهابية. وقال إن «ازدياد قدرة داعش على إنتاج هذه الأسلحة في الشرق الأوسط هو تهديد صريح بإمكانية أن يقوم بهجمات» ويستخدم أسلحة كيماوية. وكان السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري اتهم الاستخبارات الفرنسية بالوقوف وراء الهجمات بأسلحة كيماوية في الغوطة قبل 3 سنوات.