استمرت المعارك أمس في مدينة دير الزور ومحيطها في شرق سورية، حيث يحاول تنظيم «داعش» استكمال سيطرته على الأحياء الواقعة تحت سلطة النظام وعلى مواقع عسكرية ضخمة في محيط المدينة. وبالتزامن مع ذلك وردت معلومات عن تحضير الجيش التركي لعملية وشيكة تستهدف تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي (شمال سورية)، فيما واصلت فصائل المعارضة هجومها المعاكس في جبل التركمان بمحافظة اللاذقية الساحلية (غرب) واستعادت زمام المبادرة بعدما وصلتها تعزيزات كبيرة من فصائل «جيش الفتح» من محافظات مجاورة (لا سيما إدلب). ففي خصوص معارك دير الزور، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان (مقره بريطانيا) إلى أن تنظيم «داعش» علّق جثامين أربعة عناصر من قوات الدفاع الوطني - ثلاثة منهم من بلدة موحسن وآخر من بلدة البوليل - على سور بلدية البوليل بريف دير الزور الشرقي، موضحاً أن الأربعة قُتلوا خلال اشتباكات مع التنظيم في منطقة البغيلية في القسم الشمالي الغربي لمدينة دير الزور حيث «تستمر الاشتباكات في شكل عنيف» بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، وتنظيم «داعش» من طرف آخر. وكان المرصد أشار ليلة الإثنين - الثلثاء إلى وقوع اشتباكات بين الطرفين في البغيلية ومستودعات عياش ومحيط اللواء 137 بالريف الغربي لدير الزور، موضحاً أن التنظيم فجّر عربتين مفخختين في محيط اللواء 137 وحقق تقدماً جديداً في اتجاهه. وفي محافظة الحسكة المجاورة، أفاد المرصد بأن عنصرين على الأقل من فرق الهندسة في قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) قُتلا نتيجة إصابتهما بانفجار لغم أثناء محاولتهما تفكيكه في محطة كهرباء مبروكة بريف رأس العين الجنوبي الغربي. وتابع أن وحدات حماية الشعب الكردية سرّحت 4 من مقاتليها من الخدمة وأحالتهم على «محكمة عسكرية» بتهمة «العبث بممتلكات الأهالي في بلدة الهول بريف الحسكة الشرقي». وكان عشرات من أهالي الهول تظاهروا قبل أيام في ريف الحسكة للمطالبة بعودتهم إلى بلدتهم التي طردت الوحدات الكردية تنظيم «داعش» منها في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي. في غضون ذلك، أورد المرصد أن مطار رميلان القريب من بلدة رميلان بريف الحسكة الشمالي الشرقي والتي يوجد فيها مقر الحاكمية المشتركة للإدارة الذاتية في مقاطعة الجزيرة، في مثلث الحدود السورية - العراقية - التركية، «بات شبه جاهز لاستخدامه من قبل الطائرات الأميركية»، مشيراً إلى أن الأميركيين عملوا على توسيع مدرجه خلال الأسابيع الفائتة حيث «شوهدت الآليات التي تعمل في المنطقة وهي توسّع مدرج المطار بالتزامن مع هبوط وإقلاع طائرات مروحية أميركية منه». وتابع أن هذا المطار «من المنتظر أن يكون نقطة انطلاق للطائرات الأميركية التي تقصف مناطق سيطرة» تنظيم «داعش» في سورية، وأن يكون مقراً للمستشارين الأميركيين الذين دخلوا الأراضي السورية قبل أسابيع. ولفت المرصد إلى أن ناشطيه رصدوا أيضاً في مدينة القامشلي «توافد ضباط ومهندسين روس إلى مطار القامشلي، خلال الأيام الفائتة، من أجل درس المطار وتحصينه وتوسيعه، لاستخدامه من قبل الطائرات الحربية الروسية وطائرات الشحن الروسية». وفي محافظة الرقة (شمال شرقي سورية)، ذكر المرصد أن طائرات حربية نفّذت غارتين على منطقة تل السمن على طريق عين عيسى وقرية أخرى بريف الرقة الشمالي. أما في محافظة حلب (شمال)، فقد أصيب ثلاثة أشخاص برصاص قناصة على طريق الكاستيلو شمال حلب. ونقل المرصد عن ناشطين اتهامهم قناصاً من «وحدات حماية الشعب» الكردية بإطلاق النار عليهم. أما في شمال حلب على الحدود مع تركيا فقد أفيد بأن تنظيم «داعش» شن هجوماً جديداً استعاد فيه قريتين من فصائل المعارضة الإسلامية والمقاتلة وأسر عدداً من أفرادها. وجاء ذلك في وقت وردت معلومات عن تحضير الأتراك لعملية برية وشيكة. وذكر موقع «الدرر الشامية» أن «كاسحات ألغام» تركية وصلت إلى ولاية غازي عنتاب المقابلة لمدينة جرابلس في ريف محافظة حلب «تمهيداً لدخول الأراضي السورية»، موضحاً أن هذه الآليات «ستنفذ عمليات إزالة الألغام التي زرعها تنظيم الدولة (داعش) بالقرب من الشريط الحدودي لمنع القوات التركية من التحرك باتجاه الأراضي السورية». وأوردت وكالة «الأناضول» التركية معلومات مماثلة، ونقلت عن مصادر عسكرية تركية «أن الآليات ستدخل في الأيام المقبلة إلى الأراضي السورية». ولفت موقع «الدرر» إلى أن هذه التطورات تأتي «بعد يومين فقط من إعلان «فرقة السلطان مراد» التابعة للجيش السوري الحر، مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة منطقة عسكرية، وذلك في أعقاب سيطرة الثوار على عدد من القرى كانت في قبضة التنظيم»، علماً أن المدفعية التركية استهدفت مواقع «داعش» خلال المعارك مع فصائل المعارضة. وفي محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، قال المرصد إن «مصير ناشط ميداني ومصوّر من قرية بجبل الزاوية لا يزال مجهولاً عقب اعتقاله منذ نحو أسبوع من قبل فصيل إسلامي». ونقل عن ناشطين اتهامهم «جبهة النصرة» (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) باختطافه، من دون معرفة الأسباب. كما قُتل عنصران من الفصائل الإسلامية (أحرار الشام) بانفجار في سيارتهما على الطريق الواصل بين مدينة ادلب وبلدة سرمين بريف إدلب. وعلى الساحل السوري، أكد المرصد وقوع «اشتباكات عنيفة بين غرفة عمليات قوات النظام والتي يشرف عليها ضباط روس وتضم «حزب الله» اللبناني وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وكتائب البعث ومسلحين موالين من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، والفرقة الأولى الساحلية وحركة أحرار الشام الإسلامية وأنصار الشام والفرقة الثانية الساحلية والحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وفصائل إسلامية ومقاتلة أخرى من طرف آخر في محاور عدة بجبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، ما أدى إلى استشهاد مقاتل من الفصائل الإسلامية». وأفادت مواقع إعلامية معارضة بأن فصائل الثوار تمكنت خلال اليومين الماضيين من استعادة مناطق شاسعة كان النظام قد سيطر عليها في جبل التركمان، موضحة أن استعادة زمام المبادرة جاءت في أعقاب وصول تعزيزات كبيرة من فصائل «جيش الفتح» من محافظات مجاورة لدعم الثوار في اللاذقية. وفي وسط سورية، قال المرصد إن طائرات حربية يُعتقد بأنها روسية نفّذت غارات عدة على أطراف مدينة القريتين وبلدة مهين بريف حمص الجنوبي الشرقي. أما في محافظة ريف دمشق، فقد أشار المرصد إلى اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في منطقة المرج بالغوطة الشرقية، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوات الدفاع الوطني. ونقلت (رويترز) ووكالات أنباء روسية عن إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع قوله أمس الثلثاء إن قاذفات روسية دمرت معاقل لتنظيم «داعش» في محافظة دير الزور، مضيفاً أن الضربات قتلت أكثر من 60 «إرهابياً». وتابع أن سلاح الجو الروسي سلّم أكثر من 40 طناً من المساعدات الإنسانية لمناطق في سورية يحاصرها «الإرهابيون». وأضاف أن مواد غذائية وشحنات أخرى أنزلت بالمظلات في مدينة دير الزور المحاصرة ومناطق أخرى يحاصرها «داعش». وقال كوناشينكوف أيضاً إن سلاح الجو الروسي نفذ 157 طلعة في سورية خلال الأيام الأربعة الماضية فأصاب 579 هدفاً «إرهابياً»، مشيراً إلى إن قاذفة من طراز سوخوي - 34 قتلت نحو 20 متشدداً في ضربة مباشرة وجهت لأربع سيارات تابعة ل «داعش» محملة بأسلحة ثقيلة.