فاجأ المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب جميع المراقبين بإعلانه، في اعتراف غير متوقع، أسفه لتلفظه بكلام «مهين» خلال حملته الانتخابية، محاولاً تغيير أسلوبه للظهور كمرشح أكثر ميلاً إلى الجمع. وقال ترامب، في خطاب مكتوب قرأه ملتزماً بنصه خلال تجمع في شارلوت بولاية كارولاينا الشمالية، وباعتماد نبرة هادئة غير اعتيادية من جانبه: «وسط نقاش محتدم، وأثناء تناول جملة مواضيع، لا نختار أحياناً الكلام الصحيح أو نقول ما لا يجب قوله». وتابع: «هذا ما فعلته. صدقوا أو لا، إنني آسف لذلك، خصوصاً إذا أساء ذلك للبعض شخصياً»، مثيراً ضحك الحشد وتصفيقه. ثم أكد لأنصاره: «سأقول لكم دائماً الحقيقة». وفي الأيام الأخيرة، أبدى ترامب رغبته في مخالفة النبرة المهادنة، والعودة إلى الإعلانات المدوية التي قادته إلى الفوز بترشيح الحزب في الانتخابات التمهيدية، في وقت تسود بلبلةٌ حملتَه ويعاني من تراجع في استطلاعات الرأي بعد سجالات متتالية. وبدأ ترامب خطابه برسالة إلى سكان لويزيانا المنكوبة بفيضانات تاريخية، وقال: «إننا بلد وشعب واحد. معاً لدينا مستقبل عظيم». وأبقى ترامب على المواضيع الأساسية في حملته، وفي مقدمها بناء جدار على الحدود مع المكسيك ووقف الهجرة وضمان الحماية التجارية، لكنه قدم نفسه مرشحاً للتغيير مقارنة بمنافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون التي تمثل برأيه السلطة القائمة، ويتهمها بحماية الأثرياء وأصحاب النفوذ. وجدد انتقاداته لكلينتون «المنافقة»، عارضاً تعزيز القواعد الأخلاقية للإدارة من أجل مكافحة استغلال النفوذ. وأكد عزمه على الانفتاح، مفصلاً خططه الموجهة إلى الأميركيين السود الذين صوّت 90 في المئة منهم لمصلحة الديموقراطيين في انتخابات 2008، لكنهم ما زالوا يعانون من فقر وبطالة. وقال ترامب، مفصلاً خططه التربوية الخاصة بالسود: «لن أهدأ قبل أن ينضم أطفال هذا البلد أياً كان لونهم، إلى الحلم الأميركي». وتابع: «إذا أعطاني الناخبون السود فرصة وصوتوا لي، ستكون النتيجة باهرة لهم، فماذا ستخسرون إذا جربتم شيئاً جديداً». وسخر الديموقراطيون من خط ترامب الأكثر توافقاً وانفتاحاً على الأقليات. وقالت كريستينا رينولدز الناطقة باسم كلينتون، إن «الاعتذارات مجرد جمل مكتوبة بأسلوب جيد. يجب أن يقول لنا ترامب أياً من تعليقاته الكثيرة المهينة والمسيئة والمثيرة للانقسام هو نادم عليها، ويبدل نبرتها بالكامل». لكن ظهور ترامب في هذا الوجه «الجديد والمنضبط والجدي» أثار ارتياح أنصاره. وقالت أنيت فيتش (55 سنة) التي شاركت في التجمع الانتخابي: «أحببت نبرته كثيراً، وهو ما تمنيت أن يفعله». أما هانس بيتر بلوتسينيدير (71 سنة) غير المؤيد لترامب، وهو مدير ثانوية، فأسف لخسارة المرشح «طابعه الشخصي»، وقال مبتسماً: «آمل في ألا يسرف في اللياقة السياسية أكثر مما يجب». وكان ترامب أجرى تغييرات في فريق حملته بعدما أقرّ بتراجعه في استطلاعات الرأي، وعيّن مديرَيْن جديدين لها هما ستيف بانون والمستشارة الجمهورية كيليان كونوان، خبيرة التواصل مع النساء. على صعيد آخر، كشف مصدر في حملة ترامب وخبير أمني من خارجها، أنه جرى اختراق أنظمة الكمبيوتر الخاصة بالمرشح الجمهوري، ومنظمات تابعة للحزب الجمهوري وكذلك شبكات للحزب الديموقراطي. وأوضح أن البريد الإلكتروني الخاص بموظف واحد على الأقل من العاملين مع ترامب أصيب ببرمجيات خبيثة في 2015، وأرسل رسائل إلكترونية ضارة لزملائه. والشهر الماضي، قال مسؤولو أمن أميركيون إن عمليات اختراق حصلت منذ مطلع 2015 لأجهزة كومبيوتر خاصة باللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي والحملة الرئاسية للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، ولجنة جمع التبرعات لحملتها في الكونغرس. وخلص مسؤولون إلى أن «روسيا أو جهة تعمل نيابة عنها مسؤولة عن الهجمات»، ما دفع بعض الديموقراطيين ومسؤولي أمن الإنترنت في إدارة الرئيس باراك أوباما، إلى توجيه لوم علني لموسكو، التي نفت هذه المزاعم.