ساد أمس، هدوء حذر على الخط الأزرق جنوب لبنان وتحديداً في محيط بلدة العديسة، إذ سجل استنفار متبادل على جانبي الحدود فوُضعت وحدات الجيش اللبناني في جاهزية قتالية في مراكزها في العديسة والطيبة وكفركلا، كما سُجل انتشار كثيف للكتيبة الإسبانية التابعة للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» في بلدة العديسة مقابل مستعمرة مسكافعام الإسرائيلية، وفي الجانب الإسرائيلي تمركزت آليات «هامر» وسيّرت القوات الإسرائيلية دوريات مؤللة على طول الطريق الذي يربط مستعمرتي مسكافعام و المطلة والمشرف على طريق العديسة كفركلا اللبنانيتين. وترافق هذا الاستنفار مع إقدام جرافة إسرائيلية صباح أمس، على اقتلاع ثلاث شجرات سرو مقابل بلدة العديسة وألقتها داخل الأراضي اللبنانية، أتبعتها باقتلاع رابعة بعد الظهر فيما كان جنود إسرائيليون يتخذون مواقع قتالية. وكانت محاولة اقتلاع شجرة في المكان نفسه تسببت ظهر أول من أمس، باشتباك بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية أسفر عن استشهاد جنديين وجرح أربعة آخرين واستشهاد صحافي وجرح آخر، ومقتل ضابط إسرائيلي. وأوضحت قيادة الجيش - مديرية التوجيه خلفيات ما جرى أمس في بيان جاء فيه أن «في إطار التنسيق بين وحدات الجيش المنتشرة في جنوب لبنان، وقوات «يونيفيل» هناك، تولت الأخيرة، قبل ظهر اليوم (أمس) الإشراف على إزالة بعض الأشجار الواقعة عند الخط التقني على الجهة المقابلة من الحدود اللبنانية - الفلسطينية، وفي إحدى النقاط المتنازع عليها». وأكدت قيادة الجيش «أهمية التنسيق القائم مع قوات «يونيفيل» في إطار تطبيق القرار 1701 بحذافيره»، مجددة «إصرارها على الدفاع عن سيادة لبنان، وضرورة الضغط على العدو الإسرائيلي لوقف اعتداءاته، وتجاوزه للقوات الدولية، وتمكين هذه القوات من القيام بالمهمة التي انتدبت من أجلها». وقدم مركز احراج النبطية في مصلحة الزراعة محضر ضبط الى النائب العام الاستئنافي في النبطية بحق الجيش الإسرائيلي «لمخالفته قانون الغابات». وقدر كمية الاشجار المقطوعة «بطنين من الحطب الأخضر، ويعتبر المحضر محضر ضبط غيابياً». قائد الجيش وتفقد في الواحدة والنصف بعد الظهر، قائد الجيش العماد جان قهوجي مركز الجيش عند المدخل الشرقي لبلدة العديسة، معايناً حجم الأضرار التي لحقت به، والتقى ضباطه وعناصره. واحتشد عشرات المواطنين في المكان هاتفين مرحبين به ومعلنين وقوفهم الى جانب الجيش، وانتقل الى موقعي الجيش في مشروع الطيبة وتلة العويضة، اللذين كانا عرضة للعدوان الإسرائيلي أيضاً. واجتمع قهوجي مع الضباط والعسكريين وأعطى توجيهاته اللازمة. وعزى باستشهاد عدد من رفاقهم منوها ب «صمودهم وتصديهم البطولي للعدو الإسرائيلي، واستبسالهم في الدفاع عن الأرض والسيادة الوطنية». وعن ملابسات الاشتباك، أوضح قهوجي أن «مسؤولية حصول هذا الاشتباك تقع على عاتق العدو الإسرائيلي إذ أقدمت دورية تابعة له على دخول أرض متحفظ عنها لبنانياً، متجاهلة اعتراض الجيش و «يونيفيل»، ومتجاوزة القرار 1701 الذي ينص على وجوب إشراف القوات الدولية على أعمال كهذه»، لافتاً الى أن «موافقة الجيش على التنفيذ اليوم أتت بعد تلبية كل الشروط المذكورة». وخاطب العسكريين: «إن وقفتكم الشجاعة في وجه العدو، وبالإمكانات المتاحة، أثبتت لهذا العدو الغادر أن أي تطاول على شعبنا وأرضنا لن يمر من دون ثمن، وأن أي اعتداء على أي شبر من تراب الوطن يعادل في عقيدتنا ومبادئنا اعتداء على الوطن بأسره، فنحن أبناء الأرض، وأصحاب الحق، ويخطئ العدو بظنه أن استهداف الجيش بالأمر السهل، فالى جانب ما نمتلك من إيمان وإرادة وعزم على مواجهته، لدينا كذلك العديد من أساليب القتال والطاقات الوطنية الكفيلة ردع اعتداءاته ومخططاته الإجرامية». وحض العسكريين على «مزيد من اليقظة والجاهزية والاستعداد الميداني لتقديم التضحيات». اجتماع ثلاثي وأعلن الناطق الرسمي باسم «يونيفيل» اندريه تننتي «أن القائد العام اللواء البرتو اسارتا، دعا الى اجتماع استثنائي ثلاثي يجمع كبار ممثلي القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي الليلة الماضية في مركز للأمم المتحدة عند معبر رأس الناقورة». وأوضح أن اللقاء «يأتي في إطار معالجة الوضع الخطير الذي تطور خلال اليومين الماضيين بهدف منع تكرار وضع كهذا». وقال إن «يونيفيل» تتوقع «من الأطراف معالجة القضايا بطريقة بناءة وتجديد التزامها، وهو أولوية لوقف الأعمال العدائية وكذلك الاستفادة الكاملة من آلية الاتصال والتوثيق مع يونيفيل بغية ضمان تجنيب حوادث عنف في المستقبل». وأكد «أن يونيفيل كانت وما زالت، البارحة واليوم، على اتصال دائم مع الأطراف كافة، وتحثها على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف اطلاق النار، فضلاً عن الاحترام الكامل للخط الأزرق وفقاً لالتزامها المعلن بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701». ونقلت الوكالة «الوطنية للإعلام» (الرسمية) عن الناطق العسكري باسم «يونيفيل» ميراش بهات أن محققي «يونيفيل» يواصلون تحقيقاتهم بالحادث وستعلن النتائج لاحقاً». ولفت الى أن «يونيفيل» حددت عدد الأشجار التي قطعها الجيش الإسرائيلي، وهي موجودة جنوب الخط الأزرق عند الجهة الإسرائيلية، في هذه المنطقة، والتي كان للحكومة اللبنانية بعض التحفظات عنها في ما يتعلق بالخط الازرق، كذلك فعلت الحكومة الاسرائيلية في بعض المواقع الأخرى، عندما تم ترسيم الخط الأزرق عام 2000 بوصفه خط انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، ومع ذلك فان لبنان وإسرائيل أكدا للأمين العام للأمم المتحدة انه على رغم هذه التحفظات فان تحديد الخط الأزرق مسؤولية الأممالمتحدة، وهي الجهة الوحيدة المسؤولة عن تحديد هذا الخط، وأن إسرائيل ولبنان سيحترمان هذا الخط كما هو محدد». وشيع الجيش شهيديه الرقيب عبد الله طفيلي والرقيب روبير العشي في مأتمين مؤثرين، الأول في حسينية بلدة دير الزهراني - صيدا، والثاني في كنيسة سيدة البشارة في بلدة درب السيم - صيدا.