أكد اقتصاديون أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحدياً على صعيد إنشاء وظائف جديدة، خصوصاً في القطاعات التي تستقطب عمالاً أجانب، في وقت أبرز فيه الاعتماد على العمال الأجانب طوال العقود الثلاثة الماضية تفشي البطالة في صفوف المواطنين. وتسري مخاوف متنامية في الدول العربية المصدرة للعمال الى دول الخليج، من استمرار الشركات الخليجية في تقليص التشغيل في حال طال أمد أزمة المال العالمية. وقدّر مسؤولون عن التشغيل تراجع العمال الوافدين الى الدول الخليجية العام الماضي بمعدل 30 في المئة، خصوصاً في الإمارات وقطر والبحرين. ومنذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008، أعلنت معظم الشركات الخليجية الكبرى خفض عدد موظفيها، في إطار سياسة «التقشف» التي انتهجتها لمواجهة تداعيات الركود الاقتصادي العالمي. وأشارت دراسة بحثية متخصصة إلى تأثر المهنيين العاملين في منطقة الخليج بالأزمة الاقتصادية في شكل كبير، حيث أن ثلثي هؤلاء لم يتلقوا أي زيادة في الرواتب، فيما فقد واحد من كل 10 أشخاص وظيفته خلال السنة. وأشارت دراسة حديثة لمؤسسة «غلف تالنت دوت كوم»، الى انخفاض معدلات زيادات الرواتب في دول الخليج الستة العام الماضي بنسبة 6.2 في المئة، تضاف الى 11.4 في المئة عام 2008، وذلك جراء الانكشاف على القطاع العقاري. وعلى رغم ذلك، أكدت مصادر خليجية رسمية ل «الحياة» أن أنماط التنمية في دول المجلس، خصوصاً لجهة تزايد الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية والخدمات، واستثمارات القطاع الخاص في العقارات والأسواق المالية، لا تنطوي على قيمة مضافة عالية لجهة الوظائف المنشأة خصيصاً للمواطنين فقط، بل تتجه مباشرة لاستيراد المزيد من الأيدي العاملة الأجنبية. وأوضحت دراسة لاتحاد الغرف الخليجية، أن تطور نسبة العمالة الوافدة في كل دولة من دول المجلس بحسب إحصاءات الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي وتقارير وزارات العمل في هذه الدول عام 2008، تشير إلى أن نسبة الوافدين من إجمالي العمال في البحرين ارتفعت من 58.8 في المئة عام 2001 إلى 79 في المئة، وفي السعودية من 50.2 إلى 88.4 في المئة، وفي عُمان من 79 إلى 81.5 في المئة، وفي قطر من 53.9 إلى 84.8 في المئة، وفي الكويت من 80.4 إلى 84.8 في المئة، فيما تشير الإحصاءات الى أن تطور اليد العاملة الوافدة في الإمارات بلغت أقصاها وبنسبة 90 في المئة من إجمالي القوى العاملة. وتتركز النسبة الأكبر من العمال الوافدين في القطاع الخاص، وتتفاوت نسبتها كمؤشر عام من دولة الى أخرى، ففي الإمارات تشكل 98.7 في المئة، فيما تسجل في عُمان 78.3 في المئة، وفي البحرين 72.4 في المئة، وتزيد كذلك على 90 في المئة في الكويت، وتشكل أكثر من 96 في المئة في قطر. ويتفق المحللون على أن إعادة هيكلة سوق العمل في دول المنطقة يجب أن ينطوي على التعامل مع ثلاث تحديات أساسية وهي السبل المختلفة لإعادة هيكلة سوق العمل، مثل دور القطاع الخاص في تشغيل الأيدي العاملة المحلية، بالإضافة إلى دور التدريب في إيجاد يد عاملة ماهرة وموائمة لإعادة هيكلة سوق العمل.