أظهرت مطالبات ذوي الإعاقة البصرية تردي الخدمات في جمعية إبصار الخيرية للشهر ال11 على التوالي، في ظل سكوت مركز التنمية الاجتماعية في جدة، بعد أن كانت نموذجاً رائداً لخدمات ضعف البصر وإعادة التأهيل على مستوى منطقة الشرق الأوسط بشهادة الوكالة الدولية لمكافحة العمى المنبثقة عن منظمة الصحة العالمية، وجعل الاستشارات والخدمات للجهات المتخصصة وذوي الإعاقة البصرية تنحسر إلى درجة العدم. وأبدى عدد من ذوي الإعاقة البصرية في محافظة جدة استياءهم من تردي خدمات الجمعية، وتوقف العديد من البرامج التي كانوا يستفيدون منها مثل برنامج مكافحة العمى، والتوجه والتحرك الآمن، والتأهيل الوظيفي، وفحوص ضعف البصر مع عدم توفير متطلبات حياتهم اليومية سواء بالنقد أم بالمجان مثل المكبرات، والمعينات البصرية، والعصي البيضاء، إضافة إلى عدم مواكبة تطورات ومستجدات ضعف البصر وإعادة التأهيل، وعدم دعم حقوق ذوي الإعاقة البصرية في برامج التوظيف في شركات القطاع الخاص. فيما عبر عدد من أولياء الأمور عن أسفهم لتوقف تلك الخدمات وخدمة التدخل المبكر لأطفالهم، وتراجع حجم الأنشطة والفعاليات الاجتماعية التي كانت تساعد في دمجهم في المجتمع بصورة أفضل، وبعض المساعدات الإنسانية التي كانوا يحصلون عليها. وكشف الأمين العام السابق للجمعية عضو مجلس إدارة إبصار حالياً والحائز أخيراً على جائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في مجال العمل الاجتماعي محمد بلو، عن تلقيه العديد من الاتصالات من ذوي الإعاقة البصرية وأسرهم طلباً للمساعدة في الحصول على خدمات أو استشارات في شأن التعامل مع حال فقدان بصر مستجدة، إضافة إلى تواصل عدد من المؤسسات أو الجمعيات الناشئة للحصول على استشارات في كيفية البت في النشاط. وأوضح أن ذلك التراجع أثر وأضر بالمعوقين بصرياً، منوهاً بأنه من أول المتضررين بصفته من ذوي الإعاقة البصرية، إذ اضطر إلى طلب شراء عصاء بيضاء عبر البريد السريع من أميركا لعدم توفرها في الجمعية أو أية جهة محلية أخرى، علاوة على أن شقيقته الكبرى التي تعاني نفس الإعاقة البصرية بحاجة إلى إعادة فحص ضعف بصر ووصف معينات بصرية تلائم تطور حالها البصرية وبرنامج تدريب وإعادة تأهيل وظيفي، مشيراً إلى أنهم سيضطرون إلى شراء مكبر يدوي «عشوائياً» من أميركا من دون التأكد من مستوى الحالة البصرية في الوقت الراهن لتوقف عيادة فحص البصر وعدم وجود عيادة ضعف بصر بديلة في جدة. وانتقد بلو الوضع الذي آلت إليه الجمعية، وأبدى أسفه من إيقاف «حملة إبصار الوطنية للاكتشاف المبكر لعيوب الإبصار لدى الأطفال» بعد مغادرته للجمعية بحجة عدم توافر الموارد المالية الكافية لاستمراريتها والتشكيك في جدواها، على رغم أن الحملة سبق عالمي يحسب للمملكة، وتعتبر من أنجح البرامج التي نفذتها الجمعية في تاريخها على الإطلاق، من حيث عدد المستفيدين والمخرجات، وأتمت الحملة في فترة وجيزة فحص 21472 طالباً وطالبة من مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية في 64 مدرسة بمدينة جدة وعلاج 600 طفل اكتشف أنهم بحاجة إلى عمليات جراحية للعيون ونظارات طبية لعلاجهم وإنقاذهم من الإصابة بالعمى، وتأهيل 560 مختصاً على الاكتشاف المبكر لعيوب الإبصار لدى الأطفال، وكل ذلك بمبلغ لم يتجاوز مليون ونصف المليون ريال، وذلك بهدف تعزيز وتنمية المهارات لدى المعلمين والمعلمات للكشف المبكر لعيوب الإبصار لدى الأطفال، وإجراء فحوص لهم في عموم مدارس رياض الأطفال والمراحل الابتدائية في المملكة ودول الخليج وعلاج الحالات المكتشفة. وأضاف بلو أنه كان من المفترض أن تواصل الحملة مسيرتها لتستهدف فحص 275 ألف طفل من طلاب رياض الأطفال والابتدائية في المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، وعلاج الحالات المكتشفة، وتأهيل 1250 معلماً ومعلمة على طرق الاكتشاف المبكر لعيوب الإبصار لدى الأطفال بكلفة تقديرية لا تتجاوز 12 مليون ريال لولا القرار الذي أصدره مجلس الإدارة في اجتماعه الرابع هذا العام، الذي نص على «إعادة تفعيل أهداف ورؤية ورسالة الجمعية وإعطاء الأولوية للمستفيدين من الأشخاص ذوي العوق البصري، وتعليق الأنشطة والبرامج في الوقت الحالي التي ليس لها صلة بذلك، وإنشاء إدارة خاصة لتنمية الموارد المالية في الجمعية، وتفعيل دور اللجان المنبثقة من مجلس الإدارة التي سبق تشكيلها»، وترتب على ذلك القرار إيقاف الحملة، وتعليق برنامج مكافحة العمى الممكن تفاديه الذي كانت الجمعية تنفذه منذ 1433ه واستفاد منه نحو ألفي معاق بصرياً بنهاية 1436ه، وذلك بهدف مواكبة مبادرة «الرؤية 2020 الحق في الابصار للجميع»، ووقف استكمال دراسات مشروع إبصار الاستراتيجي المستقبلي «قرية إبصار الخيرية»، والتسبب في انهيار شركة نور للخدمات البصرية الطبية المحدودة التي أسست بهدف إدارة وتشغيل الأنشطة الفنية والمهنية التي تنفذها الجمعية وتقديم الاستشارات وتنمية وتطوير خدمات العناية بضعف البصر محلياً وإقليماً، وتخصيص نسبة من أرباحها لدعم أنشطة الجمعية. وأوضح بلو أنه أمام هذا الوضع في ظل تجاهل إدارة الجمعية لملاحظاته ومقترحاته التي قدمها لمعالجة تردي وضع الجمعية لم يجد بداً إلا اللجوء إلى مركز التنمية الاجتماعية بجدة بتوجيه خطاب لطلب تصويب مسار الجمعية الإداري وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها في الوزارة انقاذاً للجمعية، والحد من استمرارية التدهور والانحدار، ولعدم التماسه أي إجراءات تعالج الوضع توجه بخطاب آخر للمركز لإخلاء مسؤوليته من أي تبعات سلبية قد تصل إليها الجمعية، الأمر الذي أغضب إدارة الجمعية فألقت مسؤولية ما آلت إليه الجمعية على عاتقه وغيبته بشكل كامل عما يدور في أروقة مجلس الإدارة وأنشطتها على رغم سريان عضويته في المجلس، وعلقت صرف مستحقاته المالية كافة، وغاب عنهم أنه شخصياً من ذوي الإعاقة البصرية المحتاجين للخدمة قبل العمل في الجمعية، وأن حرصه على الجمعية يأتي من هذا المنطلق كونه «كفيفاً» وصاحب قضية وناشط في مجال خدمات الإعاقة البصرية محلياً ودولياً. ويرى بلو أن السبب الرئيس الذي أدى في الجمعية إلى ما آلت إليه هو تغليب «المحسوبيات» على المصلحة العامة للجمعية والمعوقين بصرياً من خلال الإصرار على تعيين إحدى السيدات مديرة للجمعية على رغم اعتراضه على تعيينها لعدم صلاحيتها من واقع تجربة العمل معها لمدة عام ونتيجة تقويم أدائها، الأمر الذي على إثره طلب مركز التنمية الاجتماعية بجدة في خطابهم بتاريخ 13-2-1437ه عدم مباشرتها قبل موافقة مقام الوزارة على ذلك، مما حدا بالمجلس إلى أن يلتف على قرار الوزارة وأن يقوم بالإبقاء على تعيينها بمسمى مختلف «نائب الأمين العام المكلف»، مشيراً كذلك إلى أن الإدارة الحالية للجمعية تفتقر إلى الخبرة الفنية والمهنية لطبيعة نشاط الجمعية، وليس لديها الوقت الكافي لإدارة الأزمة التي تعصف بالجمعية. وكشف بلو انعكاس وضع الجمعية سلبياً على عدد من العاملين مما دفع بعضهم إلى الاستقالة، وكرد فعل من إدارة الجمعية علقت مستحقاتهم المالية، مما أدى بهم إلى رفع شكوى إلى مركز التنمية الاجتماعية بجدة، وفي ظل عدم اتخاذ أي إجراءات لنيل مستحقاتهم اضطروا إلى رفع دعاوى عمالية على الجمعية لدى مكتب العمل. وحول الحلول المقترحة لمعالجة الوضع المتردي، طالب بلو الجميع بتحمل المسؤولية وتنحية العواطف جانباً والعمل بمبدأ التعاون بعيداً عن المجاملات والمصالح الشخصية وتقبل الرأي الآخر ووضع مصلحة الجمعية والمعاقين بصرياً والمختصين في المجال نصب أعيننا واتخاذ إجراءات عاجلة تتلخص في عدد من الحلول السريعة، ومنها: البت في تسوية حقوق العاملين لقفل الدعاوى العمالية المرفوعة على الجمعية، وعقد اجتماع جمعية عمومية طارئ لمعالجة الأزمة، وإعادة النظر في تشكيل وتعيينات مجلس الإدارة على أساس الخبرة العملية ذات الصلة، ومدى التفرغ لمتابعة الجمعية، وتشكيل لجنة فرعية لإدارة الأزمة واستئناف الأنشطة والبحث عن الشخص المناسب لإدارة الجمعية، وتعليق تعيين نائب الأمين العام المكلف وطلب تقرير عن أنشطتها ومنجزاتها خلال 1436ه كنائب أمين عام، وعلى ضوء ذلك يتم تحديد صلاحيتها لإدارة الجمعية، وتشكيل لجنة فرعية لتنمية موارد مالية وبشرية للجمعية بصورة عاجلة لتمويل أنشطة وبرامج الجمعية وتسديد مديونياتها، وإطلاق حملة علاقات عامة لاستعادة الصورة الذهنية للجمعية لدى المستفيدين والداعمين، وأخيراً التعاقد مع مراجع قانوني مستقل لإصدار تقرير عن مراجعات حسابات الجمعية ورفعه للوزارة للمقارنة مع تقارير مراجع الوزارة القانوني. حفني ل«الحياة»: تصريحات «غير مسؤولة» تسيء إلى سمعة الجمعية وصف نائب رئيس مجلس إدارة جمعية إبصار الخيرية المتحدث باسمها المهندس عبدالعزيز حفني، التصريحات التي أطلقها متضررون من خدمات «إبصار» ب«غير المسؤولة»، التي تسيء إلى سمعة وعمل الجمعية، وهدد في حديثه ل«الحياة» جميع من أساء للجمعية، وقال: «ستتم مقاضاة الأشخاص ومن نشر الأخبار قبل التأكد من صحتها». وأوضح أن «جمعية إبصار تخدم أكثر من 3800 معوق بصرياً». لافتاً إلى أن أهدافها تتلخص في تأهيل المعوقين بصرياً والمختصين والعاملين في هذا المجال، وتقديم اختبارات تقويم البصر لضعاف البصر، وتوفير التكنولوجيا مع الدعم والمساندة التدريبية للمكفوفين، وتوعية المجتمع عن أسباب الإعاقة البصرية وطرق الوقاية منها، ودعم الأبحاث والدراسات المتعلقة بالإعاقة البصرية. وأردف قائلاً: «إنه وبناء على أهداف الجمعية عمل مجلس الإدارة على تفعيلها من خلال العديد من البرامج التدريبية والتأهيلية التي تصب في خدمة المعوقين بصرياً تضمنت: تحديث معمل الحاسب الآلي بكلفة تتخطى 50 ألف ريال (شملت طابعة برايل وحواسيب آلية)، واستحداث أجهزة تدريبية جديدة لم تتوفر في الجمعية من (برايل سينس)، وهو جهاز للتدريب على القراءة والكتابة بطريقة برايل باستخدام الحاسب الآلي، وسيبدأ التدريب عليها خلال الفترة المقبلة وتكلفت 69 ألف ريال». وأضاف: «كما عملنا على تطوير جميع برامج الجمعية التي نفذت في الأعوام السابقة ومواصلة العمل على تنفيذها في 1437ه، واستحداث برامج جديدة عملت الجمعية أيضاً على تنفيذها، ومنها: المشاركة في مؤتمر البحر الأحمر الثاني بورشة عمل عن آلية اكتشاف ضعف النظر لدى الأطفال من خلال التحصيل العلمي داخل الفصول الدراسية، وأنشطة تعريفية بجمعية إبصار وخدماتها تمثلت في اجتماعات مع بعض الجهات الداعمة، وتمثيل الجمعية في العديد من المعارض في بعض المستشفيات». وأضاف: «على رغم تنفيذ البرامج إلا أن الجمعية ما تزال تسعى إلى إيجاد برامج جديدة مطورة وداعمين لها من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والقطاع الخاص». وأكد أنه لم يتم إيقاف أي برنامج للجمعية، وقال: «لم يتوقف برنامج التوظيف من الجمعية، ولكن توقف من بعض الشركات بعد أن وظفت أكثر من 86 من ذوي الإعاقة البصرية ليتم فصلهم من العمل، وهو ما أثار ضجه حول توقف البرنامج، وعليه اتخذت الجمعية على عاتقها فتح فرص جديدة للتوظيف من خلال التعاون مع شركات أخرى، إذ تمت المتابعة مع شركة الربيع لتوظيف 24 من المعوقين بصرياً يتلقون تدريبهم في الفترة الحالية، وتوظيف ثلاثة من المعوقين بصرياً في جمعية إبصار من خلال التعاون مع إحدى الشركات. وزاد: «تم تعيين موظفة رسمية في الجمعية كمسؤولة توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، هدفها التواصل المباشر مع الشركات ومؤسسات القطاع الخاص لإيجاد وظائف رسمية للفئة المستهدفة من ذوي الإعاقة البصرية بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية والبرنامج المنبثق من خلاله برنامج طاقات والذي يجد الدعم من وزارتي العمل والخدمة المدنية، سعياً إلى توفير الدعم المطلوب للباحثين عن عمل وأصحاب الأعمال للقطاعين العام والخاص، وزيادة فرص حصول الباحثين عن عمل على وظيفة مناسبة، مع وجود قاعدة بيانات حال طلب الشركات توظيف أحد مستفيدي الجمعية». وأشار الى أن الجمعية لم تتوقف حملة إبصار الوطنية للاكتشاف المبكر لعيوب الأبصار للأطفال، وقال: «ولكن تسعى الجمعية إلى تنظيم وتفعيل الحملة تماشياً مع أهداف وسياسات جمعية إبصار الخيرية التي تخص توعية المجتمع عن أسباب الإعاقة البصرية وطرق الوقاية منها، وذلك لتوعية المجتمع حول أسباب الإعاقة البصرية وبطبيعة الحال في أي حملة سواءً كانت اجتماعية أم طبية يكون لها بداية ونهاية، إذ إن الجمعية سابقاً نفذت حملات كان لها أيضاً بداية ونهاية بحسب الحاجة».