يستعد رجل الأعمال الأردني سامي هندية لبناء متحف للفن العربي المعاصر ومرافقه المختلفة في قرية أم سنديانة، على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة الأردنية عمّان، وفقاً لتصميمات حديثة وخاصة بمواصفات المتاحف. وسيكون المتحف المتربّع على عرش غابة ضخمة، مزاراً ومكاناً للنشاط الفني والثقافي والإبداعي، حيث سيضم مسرحاً في الهواء الطلق، وغاليري لإقامة المعارض وبيوتاً ومراسم للفنانين الضيوف. جاء اهتمام هندية بالفن مصادفة كما يقول: «حين كنت ابني بيتي الجديد المؤلف من 9 طبقات، قررت شراء لوحات فنية. فتعرفت على بعض الفنانين العراقيين، واقتنيت من أعمالهم. في تلك الفترة اشتريت 150 لوحة فنية غير أصلية». سجلت هذه اللحظات مفارقة كبيرة في حياة هندية، لم يعد الأمر بالنسبة إليه مجرد تزيين بيته الجديد، بل صار قضية أساسية في حياته «بعدها بدأت أتعرف الى الفن التشكيلي من خلال القراءة وزيارة دور العرض الفنية في مختلف البلدان العربية والأوروبية التي كنت أزورها باستمرار بدواعي العمل. فبدأت اقتني وأجمع مجلدات الفن والكتب التي تتحدث عن الفنانين العرب والعالميين». حب الفن قاد هندية الى بناء صداقات مع أبرز الفنانين العرب. صار يسافر من أجل زيارتهم في مراسمهم والتعرف الى أعمالهم، وحضور افتتاح معارضهم في غير عاصمة ومدينة، واقتناء أعمالهم، والبحث عن أعمال لفنانين رحلوا من أجل اقتنائها. شغف اقتناء الأعمال الفنية المختلفة فتح باباً كبيراً أمام رجل الأعمال، فصار بيته يزدحم بأهم الأعمال الفنية لأبرز الرواد في الفن التشكيلي العربي من مصر وسورية والعراق والمغرب العربي، أسماء كبيرة ولافتة في عالم الفن، ولوحات تنطبق عليها شروط العمل المتحفي «لم أكن أفكر في إقامة متحف خاص، كنت مهتماً بجمع أكبر عدد ممكن من الأعمال الفنية العربية، والآن سأقوم بتوثيق الأعمال التي يصل عددها الى أكثر من ألف داخل كتاب خاص بمقتنياتي». لم تخل مساحة في البيت إلا وعلقت عليها لوحة، في الغرف والصالونات، والممرات، فالمساحة الطموحة التي أرادها سامي هندية أصبحت ضيقة على الفكرة، وبات الأمر يحتاج الى حل أكبر من البيت بطوابقه المتعددة. ويقول: «في عمان لا يوجد متحف خاص. فقررت أن أنشئ متحفاً للفن العربي المعاصر يجمع اللوحات الفنية للفنانين العرب شعر باستفزاز من إمكانية أن يتخلى عن الأعمال الفنية التي جمعها على مدى سنوات «لدي أكثر من 2000 عمل فني ما بين نحت وتصوير وخزف ورسم، الأعمال التي اقتنيها لا ولن أبيعها، فقد عكفت على جمع الأعمال ذات القيمة الفنية العالية، ولأسماء فنانين بارزين ومعاصرين وشباب جدد، ومن أبرز الفنانين العرب (محمود عفيفي، ورمسيس يونان، وبكار من مصر) و(فائق حسن، وإسماعيل فتاح، ومحمد غني حكمت، من العراق)، و(فاتح المدرس ونصر شورى، وبهرام حاجو من سورية)، و(فؤاد فتيح من اليمن) و(سليمان منصور من فلسطين)، و (حسان بورقيه من المغرب)، وآخرون كثر من أبرز الفنانين العرب الرواد المعاصرين». ساندته زوجته في حبه للفن، والاعتناء بالأعمال، مكنته من حبه لموهبته وثقافته، «ساعدني في الاستمرار في اقتناء الأعمال حب زوجتي لما أفعله، بل ومساهمتها في الاعتناء بالأعمال، فأموالي إذا لم أصرفها على الفن سأصرفها على أشياء أخرى قد تكون في الغالب غير مهمة، وأغلب الأعمال غير معلقة على جدران ومركونة على الجوانب بسبب المساحات التي لم تعد تتسع على رغم كبر البيت ومساحاته، استفدت كثيراً من الفنانين وعلاقتي بهم وفرت لي المعرفة بالثقافة البصرية ومذاهب الفن ومدارسه، الى جانب مشاركتي جلساتهم والتعرّف الى آرائهم بالفن والفنانين، ولدت عندي خبرة مهمة في معرفة العمل وأهميته، كل ذلك جاء نتيجة حرصي على دعم موهبتي في اقتناء العمل ومعرفة الفن وتاريخه وتجارب الفنانين وحياتهم ومكانتهم، كما زادني في ذلك زيارتي الى دور العرض والمتاحف الفنية. ويقول هندية: «كل همي أن أجمع الأعمال الفنية العربية، فالفن الأوروبي له متاحفه الكثيرة، وهناك دول ومؤسسات ضخمة تهتم به، إلا أن الفن العربي عكس ذلك تماماً، أخذت على عاتقي الاهتمام بالفن العربي فقط، وأن أركز في متحفي على تجارب الفنانين العرب وأعمالهم وحياتهم التي تحكيها لوحاتهم، وبذلك يكون المتحف متخصصاً بالفن العربي المعاصر والحديث، مثلاً لدي لوحة للفنان العراقي عبد القادر رسام عمرها 100 عام، ولوحة أخرى للفنانة المصرية إمي نمّر عمرها 70 عاماً، وفي سياق آخر عندي لوحات تصل لأعمار شبابية مختلفة وصولاً للوحة رسمت عام 2010، كما يوجد عندي 1000 لوحة تدخل في التصنيف المتحفي العالمي، وأركز في اقتنائي للعمل الفني على أهمية اللوحة وتاريخ وتجربة الفنان».