انقسمت نساء مغرّدات في تعليقاتهن على «وسم» أطلق خلال اليومين الماضيين بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» يطالب بإسقاط ولاية الرجل على المرأة، إلى توجهات ثلاثة، ففي حين طالبت المغردات بإلغائها بشدة، رفض بعضهن إسقاطها مؤكدات أهميتها، كونها جاءت بها الشريعة، كي لا تكون المرأة عرضة للانحراف، في تلميح من البعض إلى أن مكانها المطبخ، وخدمة الزوج. وأشارت المؤيدات لهذا التوجه إلى أنهن راضيات عن ولاية أهاليهن عليهن، فيما ذهب الرأي الثالث إلى اتخاذ الحل الوسط، وهو استمرار الولاية غير المجحفة في حق المرأة، ورفض ولاية الذكور المتسلطين في حقها، في حين أكد محامون أن المرأة البالغة العاقلة ليس عليها ولاية شرعاً سوى في مسألة عقد النكاح. وجاءت مطالبات الراغبات في إسقاطها عبر «الوسم» «#سعوديات_نطالب_باسقاط_الولاية» الذي لا يزال يشتعل في «تويتر»، إذ وصل إلى جزئه ال 13 مساء أول من أمس، بالمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، عند استخراج معاملاتها من الإدارات الحكومية، أو المؤسسات الأهلية، واتخاذ قراراتها الشخصية بنفسها، مثل التعليم واستخراج الهوية، والسفر والولاية على الأطفال، وركوب سيارة الإسعاف، وإجراء العمليات وغيرها. فيما نفى المحامي سعد الزهراني في تغريداته أن تكون الولاية التي فرضتها السلطة على المرأة مستندها الشرعي محل إجماع، لافتاً إلى أنه رأي متشدد حرّم التعليم ثم جعله إلزامياً، مشيراً إلى أن «الرأس يشيب إثر القضايا التي تتعلق بتعسف الولي، نتيجة الولاية المطلقة التي يتم في كثير منها حبس المرأة خلف الأبواب». وشدد على معالجة مشكلات العضل والعنف والتسلط والتحكم والحرمان من الميراث التي تقع على المرأة، وأضاف: «إسقاط الولاية كما هي المطالب أو معالجتها لن تخرج المرأة عن الدين، أو تجعلها منحرفة»، لافتاً إلى أنه «لو صدر قانون يسقط الولاية، فلن يلحق بالمرأة أذى، بل يخدم المعنّفة التي حرمت حقوقها ولن يكون ملزماً للجميع». وأكد الزهراني أنه كذلك لن يضر الرجل السوي الذي تربطه بالمرأة علاقة حسنة سواء أب أم أخ أم ابن، منوهاً إلى أن الشرفاء لن يتخلوا عن مناصرة الحق، والمرأة أولى بالمناصرة أمام الذكور. من جهته، أكد إمام الحرم المكيالشيخ سعود الشريم عبر حسابه أن ولاية الرجل على المرأة حماية لها، لكنها لا تعني كبتها، أو استعبادها أو منع حقها، لقوله الله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن) وهو القائل (وللرجال عليهن درجة»)، معتبراً طلب إلغاء ولاية الرجل على المرأة مضاداً للشرع، وقال إن الله الذي لم يبعث امرأة قط القائل (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً) هو القائل (الرجال قوامون على النساء). في حين أشار الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية الشيخ عبدالعزيز الطريفي إلى أن شرع الله قوامة الرجل على المرأة تكليفاً لا استعباداً (الرجال قوامون على النساء)، فالابن يكون ولياً على أمه، وإذا رآها قبّل يديها، وجنته تحت قدميها. وطالب استشاري طب نفسي بإسقاط الولاية الظالمة والعودة إلى الولاية بمفهوم المسؤولية المحمدية، التي يحمي فيها الرجل المرأة ولا يحيا مهيناً أو مستغلاً لها. وعن القوانين التي لم تفعّل، طالبت الباحثة والكاتبة همسة السنوسي الجهات المختصة بمراقبة تطبيق ما أقرّته الحكومة من أنظمة لصالح المرأة، ووضع آلية لذلك، وقوانين تعاقب المخالفين، سواء أكانوا موظفين أم إدارات في مختلف المرافق والمنشآت العامة، أم أولياء الأمور، مشددة على مراجعة إلغاء شروط موافقة ولي الأمر المقرر رسمياً في ما يتعلق باستخراج جواز السفر والابتعاث، وخروج الفتيات من دور الإيواء والحماية وإطلاق سراح المنتهية محكومياتهن وخروجهن للحياة خارج السجن. بدورها، أوضحت المحامية إيمان المعطش أن الولاية سلطة تثبت لشخص في إدارة شأن من الشؤون، وتمكن من رعاية المولّى عليه من نفس ومال، وهي تثبت بشكل مطلق على القاصر سناً (الصغير) حتى يكبر، والقاصر عقلاً حتى يبرأ، وتثبت على المرأة شرعاً فقط في مسألة عقد النكاح، لقوله صلى الله عليه وسلم «لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين»، وفيما سوى ذلك، ليس على المرأة البالغة العاقلة ولاية شرعاً، مشيرة إلى أن ما يدور الحديث أخيراً حولهم «تعلق بقيود نظامية، تفرضها بعض الجهات على بعض المسائل لمصالح ترتئيها، والمتأمل للواقع يجد أن لهذه القيود استثناءات عدة». وأفادت في حديث ل«الحياة» بأن «للمرأة ذمة مالية مستقلة، فليس لوليها أو غيره سلطة على مالها، ولها كذلك أن تكون ولية على شؤون أطفالها القصر بعد وفاة والدهم - عدا الزواج، وحتى في حال حياته متى ما توافر أحد الأسباب المسقطة للولاية. وقد تكون المرأة كذلك ولية على زوجها القاصر عقلاً، وتتولى رعاية شؤونه». وأضافت المعطش: «وزارة العدل تقف في صف المرأة، وتدعمها في مسائل الأحوال الشخصية عموماً والولاية بشكل خاص، إذ يحق للمرأة التي يمنعها وليها من الزواج تعسفاً التقدم للمحكمة لنزع الولاية منه، والأحكام الصادرة في هذا الشأن خلال السنتين الأخيرتين شاهدة على رعاية مصالح المرأة في هذه المسألة». وزادت: «يحق للمرأة الحاضنة لأطفالها القيام بجميع شؤونهم، ومراجعة جميع الإدارات الحكومية والخاصة، وطلب الإذن بالسفر من القاضي حال تعنّت ولي القصر»، لافتة إلى أن استصدار صك الإعالة يقوم مقام هذا الإذن في حق المرأة. من جانبه، نوّه المحامي عبدالله الحقباني بقدرات المرأة، وأنها تستطيع القيام بكثير من التصرفات التي تحتاجها لممارسة حياتها اليومية متى بلغت السن النظامية التي تخولها القيام بذلك، مشيراً إلى أن المرأة تستطيع تولي شؤونها بنفسها إذا كانت بالغة وعاقلة ومميزة، وتستطيع القيام بذلك من دون الحاجة إلى ولي يقرر ذلك عنها. ولفت إلى أن العلّة في مطالبات الكثيرات بإسقاط الولاية عن الرجل، تعود إلى الظلم والقهر الذي تتعرض إليه بعض النساء من أوليائهن، وحرمانهن من حقوقهن المكفولة لهن شرعاً ونظاماً. وأكد الحقباني في حديثه ل«الحياة» أن الشريعة والنظام كفلا حق المرأة بالمطالبة في إسقاط الولاية عن الرجل، متى ثبت تعسف الرجل في ممارسة ولايته على المرأة، أو أنه غير عادل، أو إذا كان فاسقاً أو كافراً أو مجنوناً أو معتوهاً، مشيراً إلى أنها تسقط بالغيبة الطويلة. وأضاف: «من خلال عملنا بالمحاكم، وجدنا أن هناك عدداً من القضايا المطالبة بإسقاط الولاية، وذلك برفع دعوى للمطالبة بتغيير الولي سواء أكان الأب أم الأخ أم غيرهما، وتنتقل إلى أقرب رجل إليها، وقد تنتقل إلى ابنها إذا كان لها ابن، أو تنتقل إلى القاضي، في حال إثبات المرأة عضل وليها في تزويجها الرجل الكفء، فيزوجها القاضي، إذ إن السلطان ولي من لا ولي له». وأكد أن الشرع والنظام جرّما الاعتداء على المرأة، وكذلك الاتفاقات الدولية جرّمت جميع أشكال العنف على المرأة، ولكن يجهل الكثير من النساء أن لهن الحق بنزع ولاية من يتعسف في ولايته ويحرمها حقوقها، ويرى أن العلة من المطالبة وجود مشكلة بنظرهن تحتاج إلى علاج، وهذا ما كفله الشرع والنظام لهن، مؤكداً أن المرأة تستطيع القيام بكثير من التصرفات من دون الرجوع إلى الولي، بواسطة تقديم الهوية الوطنية، مستثنياً بعض المطالب كالسفر للحاجة والزواج وقال: «للمرأة الحق في المطالبة بها إذا حرمت منها». الغامدي: للمرأة «ولاية» في بيتها أكد الباحث الشرعي أحمد الغامدي أن الولاية أنواع، منها الولاية على القاصر، ومنها الولاية على النساء غير القاصرات، كالزوجة والبنت. وقال الغامدي: «إن الولاية تعني في باب النساء الرعاية والإعانة والنصح والتوجيه والحفظ»، مشيراً إلى أن ذلك لا يعني التصرف المطلق في ما تملكه المرأة، سواء في نفسها أم مالها أم قراراتها وعقودها أم اختيار الزوج الذي تنكحه، وأن حق الاختيار لها وحدها، مشيراً إلى أن الولاية تنحصر في عقد الزواج، إذ لا نكاح إلا بولي. وأوضح ل«الحياة» أن هناك فرقاً بين الولاية والقوامة، إذ إن كثيرين يخلطون بينهما. وأضاف: القوامة هي ما تكون بين الزوجين، بمعنى أن للرجل الفصل في ما يتعلق في الاختلاف بين الطرفين، ما لم يكن في معصية، لافتاً إلى أن المرأة أضعف من الرجل، والشرع أوجب على الزوج القوامة والنفقة. وأردف: لا يحق للزوج كذلك التصرف في حياة زوجته أو مالها، وفي المقابل عليها أن تلتزم هي بطاعته في ما أمرها به في غير معصية، كما أن للمرأة نصيباً من الولاية هي الأخرى، وخصوصاً في بيتها وعلى أولادها.