تمكنت حركة "بركات" (كفى) في مدة زمنية قصيرة من فرض وجودها في الساحة السياسية الجزائرية بتبني المعارضة ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة في انتخابات 17 نيسان (ابريل) والتي يبدو ان الرئيس المنتهية ولايته هو الاوفر حظاً للفوز بها. ويقود حركة "بركات" شبان في الثلاثينات من العمر، بدأوا النشاط في 22 شباط (فبراير) بعيد اعلان رئيس الوزراء آنذاك عبد المالك سلال عن الترشيح الرسمي لبوتفليقة الذي يبلغ من العمر 77 عاما امضى15 سنة منها في الحكم. وهو متعب بسبب جلطة دماغية اصيب بها قبل سنة. وتوحي تسمية "بركات" وحدها بمضمون برنامج هذه الحركة التي اقتبسته من شعار "سبع سنوات بركات" الذي رفعه الجزائريون بعد الصراعات حول السيطرة على الحكم التي ظهرت غداة انتهاء حرب استقلال الجزائر (1954-1962). واصبحت الحركة منذ مطلع آذار (مارس) "موجودة في 20 ولاية ونظمت ثماني تظاهرات" كما اوضحت القيادية فيها اميرة بوراوي (38 سنة)، الطبيبة المختصة في طب النساء التي تحولت خلال اسابيع الى شخصية سياسية بارزة. وحتى اذا لم تتمكن "بركات" من تجنيد اعداد كبيرة من المناصرين خلال تظاهراتها الا انها تمكنت من فرض نفسها كمعطى جديد في الحملة الانتخابية. ويتهم انصار بوتفليقة الحركة بأنها تخدم مصالح اجنبية، وهي تهمة تسئ الى سمعة "بركات" في بلد تحتل فيه الوطنية مكانا مهما. كما ان المعارضة تتخوف من الحركة باعتبارها منافسا لها. ولا تكتفي "بركات" بمعارضة الولاية الرابعة لبوتفليقة بل "تعارض اجراء انتخابات 17 نيسان (ابريل) باعتبارها تمثل اهانة اضافية للمواطنين والمواطنات"، كما جاء في وثيقتها التأسيسية. وبحسب الحركة فان الاحتجاجات الدامية التي شهدتها الجزائر في 1988 ويعتبرها الجزائريون "ربيعهم العربي" ثم "العشرية السوداء" بين 1992 و2002 ساهما في بلورة "الوعي السياسي". واميرة بوراوي هي كبرى اخواتها الاربع، من اب طبيب مختص في امراض القلب متقاعد من الجيش وام محاسبة. ونشات بوراوي في حي باب الواد الشعبي بوسط العاصمة الجزائرية، حيث تم تأسيس "الجبهة الاسلامية للانقاذ" (حزب محظور) وفيه سقط العديد من القتلى خلال احتجاجات 1988. وخلال الحرب الاهلية في تسعينات القرن الماضي التي واجه فيها الجيش الجزائري المجموعات الاسلامية المسلحة، كانت اميرة بوراوي في مقاعد الدراسة مع "زملاء" التحقوا بالعمل المسلح في جزائر منقسمة بين معارض ومناصر للنظام. بالنسبة لأميرة فان "هذه الكارثة التي تسببت في سقوط مئتي الف قتيل كان يمكن تفاديها". وعند وصول بوتفليقة الى الحكم في 1999 كان "البلد بدأ يخرج من الرعب" لكن في 2001 شهدت منطقة القبائل تظاهرات قمعتها السلطة بالقوة، ما تسبب في مقتل اكثر من 120 شخصا. وترى اميرة ان "هذه البداية كانت سيئة" لرئيس جديد وعد خلال حملته الانتخابية بالسلم والمصالحة. وبعد "الاعتداء على الدستور" بإلغاء تحديد عدد الولايات الرئاسية في 2008، التحقت بوراوي بحزب "التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية" (علماني) الذي عارض هذا التعديل، لكنها لم تبق كثيرا في الحزب بسبب "الاختلاف في الخط السياسي". وبينما كان الربيع العربي في 2011 يزيح عددا من حكام المنطقة، اندلعت احتجاجات في الجزائر، فالتحقت طبيبة النساء ب "التنسيقية الوطنية من اجل التغيير الديموقراطي" التي تأسست للدعوة الى "الربيع" الذي بدأ في تونس. وبعد فشل التنسيقية عاودت بوراوي الظهور في مبادرة جديدة سميت "اقفال الحب" من اجل "التنديد بوضع المرأة الجزائرية التي تتعرض للشتم والتشويه حتى تتخفى عن الانظار". ومنذ ظهورها تعمل حركة "بركات" على تجنيد الجزائريين من اجل تحرير الحياة السياسية والاجتماعية. ويرتركز نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً "فايسبوك" حيث جمعت 30 الف صديق على صفحتها، بينما يصعب تقييم تواجدها على الارض.