تترقب السلطات الجزائرية السبت بكثير من الحذر واليقظة خوفاً من انفلات الوضع، بسبب تمسّك التنسيقية الجزائرية من أجل التغيير والديمقراطية باستمرار المسيرات السلمية في العاصمة، مقابل تمسّك حكومي بعدم الترخيص لهذه المسيرات. جزائريون يتظاهرون طلباً للتغيير في وقت سابق من الشهر الحالي ورغم إجهاض الحكومة مسيرة السبت الماضي، فإن التنسيقية قررت استمرار التظاهر كل سبت، رافضة عرض الحكومة التظاهر داخل قاعات رياضية. وقال الناطق الرسمي باسم التنسيقية المحامي عبد المومن خليل ل «الجزيرة نت» «نحن نريد استرجاع الساحات العامة والشارع للتعبير، وسوف نقوم بالمسيرة السلمية في موعدها». وقال عبد السلام علي راشدي - وهو أحد قادة حركة المواطنة - ل «الجزيرة نت» إن «المشاكل الموجودة في مصر وتونس هي نفسها الموجودة في الجزائر، وهذا يستوجب إسقاط النظام. كما اعتبر الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة علي بلحاج أن المسيرات حق دستوري، وأن مطالب التنسيقية مشروعة. إن الخطاب الرسمي الجزائري الحالي يخطئ أو يتعمّد الخطأ، في قراءة نُذُر دواعي التغيير ويهوّن من تأثيرها، ويُنكر دلالتها السياسية الكبرى، بدعوى أن المطالب المرفوعة من طرف المتظاهرين لا تتضمن أي مطلب سياسي. دعوات للاحتجاج وفي هذا الصدد دعت التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية الشعب الجزائري إلى الخروج اليوم السبت في مسيرات بكافة ولايات الوطن، وإطلاق مبادرات «من أجل جزائر ديمقراطية واجتماعية». ومن جانبها، دعت حركة رشاد الجزائرية إلى مواصلة الاحتجاجات السلمية، حتى حصول تغيير جذري في الجزائر.. وأثنت في بيان لها على خروج الجزائريين السبت الماضي إلى الشوارع للاحتجاج، مهيبة بهم للخروج في أعداد أكبر في المرات القادمة. كما شدّدت على الطابع السلمي للاحتجاج، مؤكدة قناعتها بأن الشعب الجزائري سيتمكّن من توسيع الحركة وتحسين التنظيم، مع الحرص على التوحّد والتحلي بروح المسؤولية. وحثت الحركة في البيان نفسه «أجهزة الأمن والجيش الجزائريين على تحمّل مسؤولياتهما»، والنأي عما وصفته بانتهاك الحقوق الأساسية للمواطنين. رسالة لبوتفليقة وفي هذا السياق وجّه عبد الحميد مهري الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، الحزب الواحد سابقاً في الجزائر، رسالة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة قال فيها إن المطالبين بتغيير نظام الحكم في البلاد، والحريصين على أن يكون ذلك في كنف السلم والنقاش الحر، كثيرون. وأوضح مهري أن الخطاب الرسمي الجزائري الحالي يخطئ أو يتعمّد الخطأ، في قراءة نُذُر دواعي التغيير ويهوّن من تأثيرها، ويُنكر دلالتها السياسية الكبرى، بدعوى أن المطالب المرفوعة من طرف المتظاهرين لا تتضمن أي مطلب سياسي. وقال مهري إن القواسم المشتركة بين الجزائر وتونس ومصر كثيرة، ومنها أن النظام في كل منها يتدثر بواجهة ديمقراطية براقة بينما يقصي قطاعات واسعة من الشعب. واقترح مهري - في رسالته المطوّلة لبوتفليقة - الإسراع بإزالة العقبات دون تمتع المواطن الجزائري بحقه في حرية التعبير، وتشجيعَ المبادرات الشعبية المساندة لمطلب التغيير السلمي، إضافة إلى مدّ جسور التشاور والحوار واتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخراج البلاد من دوامة العنف نهائياً. وفي نفس السياق، رفع ما يزيد على نصف مليون طالب جامعي بالجزائر عريضة تطالب رئيس الجمهورية بتنحية وزير التعليم العالي والبحث العلمي لفشله في الإصلاحات التي باشرها في القطاع. وردَّدوا شعارات تندّد بإصلاحات الوزير وتطالبه بالرحيل، ولكن قوات الأمن حاصرت المحتجين وحاولت تفريقهم مستعملة القنابل المسيلة للدموع. محاولات احتواء وفي المقابل، اتخذت الأجهزة الأمنية بالجزائر جملة من الإجراءات والتدابير من خلال تعزيز وجودها في الشوارع الرئيسية، ونشر الشاحنات الخاصة بمكافحة الشغب، ومضاعفة عناصرها في المؤسسات العمومية وتكثيف دورياتها. تفادي الاحتكاك ودعت الأجهزة الأمنية كافة عناصرها ووحداتها إلى تفادي أي احتكاك مع المواطنين، ودعتهم إلى التبليغ عن جميع تحرّكات المحتجين والاكتفاء بالتنبيه بدل إنزال العقوبة. كما سجّلت تقارير أمنية، وجّهت إلى الرئاسة حالة الاحتقان الشعبي في البلاد، ودعت إلى مزيد من السرعة في إطلاق قوانين وإجراءات عاجلة لامتصاص غضب المواطنين الذين يخرجون يومياً في مسيرات سلمية واعتصامات داخل المؤسسات العمومية. وضع خطر أما أحزاب التحالف الرئاسي المشكّلة للقوى السياسية الثلاث الكبرى في الجزائر فدعت إلى حل مسببات الاحتجاجات المنحصرة حسب رأيهم في مشكلة البطالة وأزمة السكن. وقد اعترف الوزير الأول بخطورة الوضع في الجزائر بقوله «إن الرياح واصلة لبلادنا ونحن متخوّفون». ومن جانبه دعا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم إلى توخّي الحيطة والحذر حيال ما يحدث في الجزائر، منادياً بالإسراع في حل مشاكل المحتجّين.