تتجه أنظار المراقبين ومراكز صنع القرار في الأردن صوب مشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد أن أعلن حزب «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» الأم، أنه شارف على الانتهاء من تشكيل قوائمه التي سيخوض بها الانتخابات المقرر إجراؤها في 20 ايلول (سبتمبر) المقبل. ومن المنتظر أن تعلن الحركة قوائمها في غضون أيام. وكانت الحركة الإسلامية قاطعت الانتخابات عامي 2010 و2013، على خلفية اتهام الحركة الحكومة الأردنية ب «التزوير» ضد مرشحيها في انتخابات عام 2007، ونجح فيها عن حزب جبهة العمل الإسلامي 6 نواب فقط، وسط اعترافات رسميين وقتها ب «حدوث تدخلات وتجاوزات في تلك الانتخابات». وتأتي مشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات المقبلة على وقع انشقاقات عمودية في قيادات الحركة، تمثلت بانشقاق قيادات تاريخية دعت الى تأسيس جمعية مرخصة حملت اسم جمعية «الإخوان المسلمين» في آذار (مارس) الماضي، وانشقاق قيادات أخرى أسست حزباً جديداً حمل اسم «زمزم». وترجح مصادر رسمية ل «الحياة» أن يشارك حزب «جبهة العمل الإسلامي» بنحو 85 من أعضائه في الانتخابات المقبلة، فيما تشتد حلقات التنافس في الدوائر الانتخابية الأساسية في عمان ومحافظتي الزرقاء وإربد، وهي المحافظات التي تشهد انتشاراً واسعاً لكوادر الجماعة والحزب. وقدرت مصادر متطابقة أخرى أن يترشح الحزب في 25 قائمة عن 23 دائرة انتخابية، على أن تضم تلك القوائم كوادر حزبية، وشخصيات سياسية وعشائرية مستقلة، ذات أوزان اجتماعية مؤثرة. وفي التفاصيل، يبدو أن مراكز صناعة القرار في الأردن لا تجد في القيادات المنشقة عن الجماعة الأم وحزب «جبهة العمل الإسلامي» جسماً موازياً يستطيع أن يترك أثراً واضحاً في المعادلة الانتخابية المقبلة، سواء لجهة ضعف تأثير القيادات المنشقة في الشارع، أو لمصلحة غياب المؤسسية في نشر خطاب جمعية «الإخوان المسلمين» التي انتزعت «الشرعية القانونية» من الجماعة الأم، فيما قال رسميون مطلعون ل «الحياة» ان حزب الوسط الإسلامي الذي انشقت قياداته مبكراً نهاية تسعينات القرن الماضي، يعاني من ضعف واضح في قدرته على اجتياز امتحان الانتخابات المقبلة. وأمام تحدي رفع نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، توقعت المصادر أن تؤدي مشاركة الإسلاميين إلى رفع نسبة المصوتين في الانتخابات المقبلة، أمام اتساع حلقة المتعاطفين مع خطاب الحركة الإسلامية دعوياً وسياسياً، ما يضع مؤسسات رسمية أردنية أمام تحدي ضرورة تحفيز الناخبين في محافظات الأطراف على المشاركة، ضمن برامج انتخابية تستهدف مرشحي العشائر والقبائل الأردنية. وتحسباً لشكل مجلس النواب المقبل، بدأت دوائر رسمية في قراءة استطلاعات رأي ميدانية تنفذها جهات مستقلة لحساب مزاج الرأي العام في اختيار المرشحين، على أن تجرى تلك الاستطلاعات أسبوعياً منعاً لحصول أي مفاجآت من عيار «الخطأ» في تقدير أعداد نواب حزب «جبهة العمل الإسلامي» وحلفائهم «المحتمل فوزهم» في المجلس النيابي الجديد، في ظل تقديرات رسمية أن لا تتجاوز حصة الحركة من مقاعد المجلس المقبل 15 مقعداً من أصل 130. ووجدت دوائر صناعة القرار أن الجهة السياسية الوحيدة التي تعاملت مع تشكيل قوائم انتخابية ب «مرونة» كانت جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة، وذراعها السياسية حزب «جبهة العمل الإسلامي»، فكان الحزب أول من أعلن نيته خوض الانتخابات المقبلة على أساس تشكيله قوائم انتخابية في معظم الدوائر، على أنه يضمر توزيع قوائمه بين قوائم لأعضاء من حزبه وقوائم لحلفاء الحزب وقوائم يتشارك فيها الحزب مع قوى عشائرية وشخصيات مسيحية وشركسية عن مقاعد مخصصة للأقليات، وفق مصادر مطلعة داخل الجماعة. وفي الوقت الذي تقترب فيه الحركة الاسلامية من إعلان تشكيل قوائمها، تصطدم النخب السياسية التقليدية في البلاد وأقطاب برلمانية بمعضلة تشكيل القوائم الانتخابية داخل حدود الدوائر، في ظل حال الاستعصاء لدى اختيار المرشحين داخل القائمة نفسها لأسباب تتعلق بشدة التنافس بينهم، فالقائمة المفتوحة انتخابياً تعني اختيار مرشح أو أكثر داخل القائمة، فيما النسبية تضعف فرص المتنافسين داخل القائمة الواحدة، وفق مرشحين. وأمام حملات الترويج لمزايا قانون الانتخاب الجديد الذي أقر في نيسان (إبريل) المقبل، والذي اعتمد نظام القائمة النسبية المفتوحة داخل حدود الدوائر الانتخابية التي عرّفها القانون ب12 محافظة أردنية رئيسة، و11 دائرة في محافظات الكثافة السكانية في محافظات العاصمة وإربد والزرقاء، فإن عرّابي القانون، وعلى رأسهم رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب المعارض اليساري السابق خالد الكلالدة، قدموا القانون على أنه «شهادة الوفاة» لقانون الصوت الواحد الذي أقرته الحكومة قبيل إقرار اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية عام 1994.