يجمع خبراء واقتصاديون ورجال أعمال في ألمانيا والخارج، على أن عجلة الاقتصاد في البلاد تدور في سرعة عالية، تفوق التوقعات. كما تتوافق معاهد البحوث الألمانية وغيرها من مؤسسات معنية على ان معدل النمو في ألمانيا سيتراوح بين 7،1 و7،2 في المئة. وخفتت أصوات المتخوفين من حصول تراجع اقتصادي في النصف الثاني من السنة. وأظهر أهم معهد بحوث في ألمانيا، معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ «إيفو» الذي يستطلع آراء 7000 شركة شهرياً تمثل مجمل قطاعات اقتصاد البلاد، أن أعمال الشركات الألمانية تزدهر جيّداً. وقال رئيس المعهد هانس فرنر زِن إن مؤشر أجواء الشركات ارتفع في الشهرين الماضيين من 5,101 إلى 2,106 نقطة، أي إلى الحد الذي توقف عنده في أيار (مايو) 2008 قبل تفجّر أزمة المال الدولية المعروفة بأزمة الائتمان العقاري الأميركي. وأكّد أن الانتعاش الاقتصادي سيستمر، عازياً التفاؤل الذي أعرب عنه مسؤولو الشركات، إلى ازدهارٍ في أعمالها. لكن هؤلاء خفّضوا للشهر الثاني من توقعاتهم للنصف المقبل من السنة، فتراجع مؤشره من 7,103 إلى 4,102 نقطة، وعلى رغم ذلك أعلن الصناعيون منهم، أن آفاق الطلبات من الخارج «جيدة جداً». وفي هذا السياق أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية في تقرير لها أن الصناعة الألمانية حصلت بصورة مفاجئة على طلبات عديدة للربع الثالث من السنة، حققت في نيسان (أبريل) الفائت 8,2 في المئة زيادة عن آذار (مارس). ولفتت الوزارة إلى أن الصناعة الألمانية تشكّل حاليا «محرّك الاقتصاد»، وأشارت إلى أن ضعف اليورو النسبي خفّض أسعار البضائع الألمانية وحسّن من قدرتها التنافسية في الخارج. وذكر اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية DIHK أن استطلاعاً أجراه مع 22 ألف شركة ألمانية ونشر نتائجه أواسط حزيران (يونيو) أفاد بأن تفاؤل الشركات يزداد وصادراتها تتنامى واستثماراتها أيضاً، وأن قسماً منها بدأ يفكّر في تأمين فرص عمل جديدة. وشدّد الأمين العام للاتحاد مارتين فانسليبن على أن الصادرات الألمانية «أخرجت الاقتصاد الألماني من أزمته»، ولفت إلى أن ضعف اليورو أمام الدولار ساعد على ذلك أيضاً. وأضاف أنه بعد تراجع النمو 5 في المئة سالبة العام الماضي ينتظر اتحاده نمواً إيجابياً من 3،2 في المئة هذه السنة وبطالة لا تتجاوز 2،3 ملايين شخص. وفيما كان البعض يتخوف من أن يؤدي وقف برامج الدعم الحكومي -، كما يطالب وزير الاقتصاد والتكنولوجيا راينر برودرله، واعتماد التقشف لمواجهة العجز المالي المتزايد في البلاد -، إلى تسريح جماعي وإلى تراجع للقوة الشرائية والاستهلاك، ذكر معهد بحوث الاستهلاك الألماني GfK في استطلاع أصدره أخيراً أن مؤشر أجواء المستهلكين بقي مستقراً على 5,،3 نقاط على رغم أزمة اليورو وإعلان الحكومة عن خطة تقشف. ومن التطورات الإيجابية التي لم تكن منتظرة، خروج صناعة السيارات الألمانية من أزمة البيع وتصريف الإنتاج، بفضل النمو الصلب في دول آسيا، منها الصين في الدرجة الأولى. وأعلنت الشركات الألمانية عن زيادة عالية في الطلبات عليها، ما دفعها إلى رفع طاقتها الإنتاجية ووقف العطل الصيفية للعاملين فيها، واستدعاء مزيد من العمال، وتكثيف ورديات العمل. إلى ذلك حذّرت معاهد بحوث ألمانية من تداعيات العجز المالي لليونان وإسبانيا على أسواق المالي، وعلى عملية النمو في أوروبا وألمانيا. وبعد تدخّل الاتحاد الأوروبي لتهدئة أسواق المال عاد مؤشر الأسهم الألماني «داكس» إلى التحسن فارتفع إلى ما فوق ستة آلاف نقطة.