«البلبل الأسمر» كان اللقب الذي أذن القارئ الشهير الشيخ عادل الكلباني ل «الحياة» بإطلاقه عليه، في أول حوار للصحيفة معه. وبعد أن نشر الحديث في 11 كانون الثاني (يناير) 2008، كان حديث «البلبل» عن الحرم المكي الشريف وأن إمامته ليست من طموحه، نقطة أثارت جدلاً، إذ لا يتوقع من مثله أن يزهد في نيل ذروة الشرف الذي يفوق أمنية كل قارئ للكتاب العزيز في الكون أجمع. إلا أن الشيخ الكلباني الذي برر موقفه آنئذ بما يصاحب الإمامة الموقتة، سريعاً ما خضعت أقواله وأفكاره في هذا الصدد للامتحان، فما هي إلا أشهر حتى جاء رمضان وعرضت عليه إمامة الحرم في «التراويح» واستجاب بلا تردد، وإن لم ينس مخاوفه، التي حدثت كما توقعها، ووثقتها الصحيفة. فالشيخ وإن ظفر بلقب «إمام الحرم» مدى الحياة، إلا أنه لم ينجح في امتحان «التراويح» كما تروي المصادر، فلم يعد للحرم مجدداً. كما أن جامع الملك خالد الذي أصبح جزءاً من الكلباني وأصبح هو جزءاً منه، طلقه بالثلاث، ما أحوجه للبحث عن مسجد آخر بمواصفاته، إلى أن استقر أخيراً في جامع المحسيني شرق الرياض. وهنالك استأنف الكلباني قيادة الجدل والإثارة التي أحيطت به، خصوصاً بعد حواره الثاني مع «الحياة»، الذي شبه نفسه فيه بأوباما، على اعتباره أول شخص أسمر يؤم الحرم خلال القرنين الماضيين على الأقل، فرأى ذلك الحدث ربما يكون أهم في مدلوله المحلي، من انتخاب أول رجل أسمر رئيساً لأميركا. وربما يكون ذلك التصريح، إلى جانب ما صاحبه من توابل، البداية الأولى لقطف ثمار النجومية التي أضفتها إمامة الحرم المكي على القارئ الجليل. فبعدئذ تسابقت إلى الشيخ صحف وقنوات عالمية مثل العربية، ونيويورك تايمز، وبي بي سي، وغيرها، لتعيد سؤاله عما دار في حواره مع «الحياة»، وتزج به في قضايا، كادت تحرقه بالكلية مثل العلاقة بين السنة والشيعة. بعد أن التقط الكلباني أنفاسه، عاد إلى الإثارة مجدداً، ولكن هذه المرة عبر الزميلة «الوطن»، التي أعلن عبرها إباحة ألوان شعبية من «الغناء» مثل «الهجيني والسامري» ونحوها، ما حاصره بعاصفة من النقد، قرر أن يداويها بالتي كانت هي الداء، فعكف على بحث أعلن فيه «إباحة الغناء كله» وخصّ به «الحياة»، التي اكتفت بنشر فحواه مختصراً من دون التفاصيل المثيرة جداً، غير أن الشيخ أبى إلا نشر البحث كاملاً عبر موقعه ومواطن أخرى، حتى غدا رأيه في «الغناء» قضية رأي عام، عابرة للحدود والقارات. فجاء حوار اليوم محطة رابعة وحواراً ثالثاً، مع «البلبل» الذي يخشى محبوه أن يكون «أدمن تفجير قنابل التراث الفتاكة» في مجتمع محافظ، يرد الصاع الفكري أحياناً بأطنان!