أحكمت القوات النظامية السورية امس قبضتها حول حلب بعد سيطرتها على أحياء إضافية في ريفها، في وقت برز موضوع المساعدات الإنسانية ومعاناة حوالى ربع مليون شخص في الأحياء الشرقية لحلب الخاضعة لسيطرة المعارضة. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «تمكنت قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من السيطرة على كامل حي بني زيد بالأطراف الشمالية من مدينة حلب بعد هجوم عنيف لقوات النظام منذ ما بعد منتصف ليل الأربعاء- الخميس وحتى صباح اليوم (امس) على الحي، بإسناد بالقصف المدفعي والصاروخي المكثف عليه، بالإضافة إلى قصف جوي مكثف من الطائرات الحربية والمروحية التابعة للنظام والطيران الحربي الروسي على الحي ذاته، ومعلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف الطرفين»، لافتا إلى مقتل «215 قضوا أمس بينهم 38 من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين». وقال «المرصد» لاحقاً إن القوات النظامية «فتحت أربعة معابر إنسانية للمحاصرين في أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة، حيث ألقت طائرات مروحية مناشير توضح خريطة المعابر الأربعة، التي فتحتها قوات النظام لإخراج المدنيين، وجاء في المناشير: معبر إنساني رقم 1 من الدوار الشمالي باتجاه دوار الليرمون، معبر إنساني رقم 2 من المؤسسة الحكومة في بستان القصر إلى المشارقة، معبر إنساني رقم 3 من حديقة سيف الدولة باتجاه ملعب الحمدانية وأوتوستراد دمشق- حلب، معبر إنساني رقم 4 من مسجد الشيخ سعيد باتجاه الحاضر». كما ألقت طائرات مروحية «وجبات طعام صغيرة مكتوب عليها باللغة الروسية وحفاضات للأطفال على مناطق في أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة، كما قصفت طائرات حربية مناطق في حي سيف الدولة بمدينة حلب، أيضاً قصفت طائرات حربية مناطق في بلدتي حيان وعندان بريف حلب الشمالي. وأشار «المرصد» إلى أن «وحدات حماية الشعب الكردي سيطرت على حي السكن الشبابي من جهة حي الشيخ مقصود، في حين سيطرت قوات النظام على أجزاء السكن الشبابي المحاذية لحي بني زيد». من جهة أخرى، أفادت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة بأنها «تنفي قيام نظام الأسد بفتح أي ممرات إنسانية تصل بين مناطق الثوار والمناطق الخاضعة لسيطرته»، مؤكدة أن «القصف على المدنيين ما زال مستمرّاً، إذ لم يتم تسجيل أي حالة لخروج المدنيين من المناطق الشرقية، وأن ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي الموالية لنظام الأسد هو عارٍ من الصحة». ومازال نحو ربع مليون مدني يعيشون في أحياء في شرق حلب يسيطر عليها المعارضون، أي أنهم عملياً تحت الحصار منذ أن قطع الجيش النظامي والقوات المتحالفة معه الطريق الأخير المؤدي إلى تلك الأحياء في بداية الشهر الجاري. ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن محافظ حلب قوله إن ثلاثة معابر إنسانية سيجري فتحها للسماح للمدنيين بمغادرة المدينة. كما عرض الرئيس السوري بشار الأسد عفواً عن كل المعارضين الذين سيقررون تسليم أنفسهم خلال ثلاثة شهور. وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بدء «عملية إنسانية واسعة النطاق» في حلب تشمل إقامة ممرات إنسانية للمدنيين والمقاتلين المستعدين للاستسلام. وبعدما أشار إلى «وضع إنساني صعب» في المدينة المحاصرة منذ السابع من تموز (يوليو) وشهدت معارك طاحنة في الأيام الأخيرة، أوضح شويغو في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية، أن ثلاثة ممرات إنسانية ستقام مع القوات الحكومية «من أجل المدنيين المحتجزين كرهائن لدى الإرهابيين وكذلك المقاتلين الراغبين في الاستسلام». وأضاف أن ممراً رابعاً سيفتح في الشمال، على طريق الكاستيلو ليسمح «بمرور المقاتلين المسلحين بشكل آمن»، مؤكداً أن الأمر لا يتعلق سوى «بضمان أمن سكان حلب». وأكد الوزير الروسي أن هذه العملية ستبدأ في 28 تموز. وسيطرت قوات النظام الثلثاء على حي الليرمون شمال غرب المدينة بعد اشتباكات عنيفة مع الفصائل المقاتلة التي كانت تسيطر عليه، لتشدد بذلك حصارها على الأحياء الشرقية. وقال شويغو: «دعونا مرات عدة الأطراف المعارضة لوقف إطلاق النار لكن المقاتلين انتهكوا الهدنة في كل مرة وقصفوا مناطق مأهولة وهاجموا مواقع القوات الحكومية». وأضاف «نتيجة لذلك أصبح الوضع في مدينة حلب ومحيطها صعباً»، مؤكداً أنه يتحرك بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين. وتابع أن مساعدة إنسانية وطبية ستقدم في الممرات الإنسانية. لكن «المرصد» أوضح لاحقاً: «لا يزال الطريق الوحيد الذي يربط بين الأحياء الشرقية من مدينة حلب التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة والإسلامية مقطوعاً، بعد تمكن قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين لها من الجنسيات السورية والعربية والعراقية واللبنانية والإيرانية والآسيوية من السيطرة البشرية على طريق الكاستيلو في 17 الشهر الجاري، عقب تمكنها في مطلع الشهر الجاري من رصد الطريق نارياً بعد التقدم في مزارع الملاح الجنوبية والوصول حينها لكتلة الجامع». وتابع أن نشطاءه رصدوا «الوضع الإنساني والمعيشي داخل الأحياء الشرقية من مدينة حلب، حيث شهدت هذه الأحياء انخفاضاً حاداً في المواد الغذائية والتموينية ومادة الخبز، وانعدام مادة الحليب والخضروات والفواكه، بالإضافة لنقص حاد في الوقود، فيما ارتفعت أسعار المتوافر من المواد الغذائية والمحروقات والسكر التي لا تزال متواجدة في السوق، وسط ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين، وهذا الارتفاع في الأسعار والنقص الحاد في المواد المتوافرة وصل إلى المواد الطبية، التي تشهد المدينة نقصاً حاداً في الأنواع والكميات المتوافرة منها، كما يتزامن النقص الحاد في الأدوية مع توقف كثير من المشافي عن العمل بعد استهداف بعضها، وخوفاً من استهداف مشاف أخرى». وقال «المرصد» إن «طائرات النظام المروحية ألقت وجبات طعام صغيرة وحفاضات للأطفال، على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، بعدما دمرت هذه الطائرات المروحية أحياء مدينة حلب، عبر قصفها المكثف بالبراميل المتفجرة لأحياء المدينة، والتي خلفت آلاف الشهداء وآلاف الجرحى، وترافق إلقاء الوجبات مع إلقائها منشورات تحدثت عن فتح 4 معابر إنسانية بين الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والأحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام في المدينة». وأشار إلى أنه «يدعو المجتمع الدولي ومبعوثه الدولي ستيفان دي ميستورا، إلى التحرك الفوري والعاجل، لوقف هذا الحصار على أحياء مدينة حلب، والذي سيجلب مزيداً من الموت لهذه الأحياء التي حاصرتها قوات النظام بدعم من الطائرات الروسية، وحتى لا تتحول الأحياء الشرقية في مدينة حلب، إلى غوطة شرقية ثانية ومضايا ثانية وحولة ثانية، ويستمر فيها الموت جوعاً ومرضاً بعد أن ذاقت لسنوات الموت بالبراميل والقذائف والصواريخ وغيرها من أنواع الموت التي حامت حولها وضربتها. كما ندعو لتحويل ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية على محكمة الجنايات الدولية من أجل تحقيق العدالة، وليعاقب القتلة وآمروهم ومحرضوهم على ما اقترفوه من جرائم بحق أبناء الشعب السوري». واعتبر رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أنس العبدة أن «ما يحدث في مدينة حلب هو جريمة حرب وإبادة وتهجير قسري»، محملاً روسيا «المسؤولية القانونية والسياسية والإنسانية والأخلاقية عن ما ينجم من أفعالها الأخيرة بحق الشعب السوري». ونقل «الائتلاف» عن العبدة «ادانة ما جاء على لسان وزير الدفاع الروسي حول فتح ممرات إنسانية لخروج المدنيين من حلب ذلك انه هذا مخالف لالتزامات روسيا كعضو دائم في مجلس الأمن والقانون الدولي الإنساني وللقرارات الدولية». وبعث العبدة رسائل عدة إلى الدول الأعضاء في مجموعة دعم سورية والأمم المتحدة لحضهم على «اتخاذ كل التدابير اللازمة التي من شأنها وقف المجازر في حلب ورفع الحصار». كما اتصل ب «أصدقاء الشعب السوري لبحث التطورات الميدانية وعلى الأخص ما يجري في حلب». ودعا العبدة «الفصائل المقاتلة في حلب وريفها إلى التوحد ورص الصفوف والوقوف بوجه هذه الهجمة التي تقودها روسيا والسوريين للخروج في كل العواصم للتعبير عن رفضهم لما تقوم به القوات الروسية في حلب».