تعقد صباح غد الاثنين القمة العربية العادية ال27 في نواكشوط، التي تستضيف القمة المرة الأولى. ووسط إجراءات أمنية مشددة وأجواء توتر تترقب هذه الجمهورية مستوى مشاركة القادة والزعماء العرب، فيما تبذل السلطات جهوداً كبيرة لإظهار العاصمة نواكشوط في أفضل صورة حيث نشط شباب متطوعون لتنظيف المدينة وانخرط آخرون في خدمات الهلال الأحمر. وكان وزراء الخارجية العرب أقروا في اجتماعهم أمس مشاريع القرارات المرفوعة من اجتماع المندوبين الدائمين، واجتماع كبار المسؤولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وكثفت السلطات الموريتانية استعداداتها لاستضافة القمة في فترة قصيرة للغاية، لا تتعدى ثلاثة أشهر، وعلى رأسها تجهيز مطار أم التونسي الذي كان بدأ العمل به قبل أشهر من «مفاجأة» القمة، وتم الإسراع بالعمل في المطار ليستقبل أول طائرة قبل ثلاثين يوماً من القمة التي تعقد في خيمة كبيرة الى جوار قصر المؤتمرات الذي تم تجديده ليستقبل الاجتماعات التحضيرية للقمة كاجتماع كبار المسؤولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي واجتماع المندوبين الدائمين ثم اجتماع وزراء المال فاجتماع وزراء الخارجية أمس السبت. والخيمة، التي تم الانتهاء من إعدادها، هي في الوعي الجمعي للموريتانيين «الحياة ذاتها»، في التاريخ البعيد والقريب. ويتذكر الموريتانيون الخيمة التي نصبوها العام 1961 لعقد اجتماع يرسم الطريق للدولة الجديدة بعد الاستقلال بأيام، ولم تكن تلك الخيمة التاريخية سوى غلاف مذكرات مختار ولد داده الحاكم التاريخي لموريتانيا (من 1961 إلى 1978) والتي أعدتها زوجته مريم داده تحت عنوان «في مهب العواصف والأمواج». وما بين خيمة الحكومة الأولى وخيمة القمة غداً جرت رياح عاصفة في العقود الماضية، ما بين تغير الأنظمة وتقلب الحال وصولاً الى القمة العربية الدورية. وعلى رغم التكاليف الباهظة، التي تحملت موريتانيا موازنتها مع مساعدات لم يُعرف رقمها الحقيقي من دول خليجية، إلا ان نواكشوط لم تطلب شيئاً، وأصرت على عقد القمة في عاصمتها لترد على ما اعتبره البعض «أن موريتانيا دولة عربية إذا غابت لا يشعر بها أحد وإذا حضرت لا يستشيرها أحد» كما قال ديبلوماسي عربي رفيع في العاصمة الموريتانية. وأصرت موريتانيا على عقد القمة من أجل توقيع جديد في لائحة الحضور العربي. وإذا كان جلب الاستثمارات العربية هو ما يدور في العقل الشعبي، وتحتاجه البلاد بالفعل، فإن الدور السياسي هو ما تطمح اليه السلطات الرسمية، بعدما قادت تجمع الصحراء، هذا فضلاً عن أسباب داخلية على رأسها معركة التعريب التي ما زالت دائرة على رغم أنها بلد المليون شاعر، ولكنها معركة من دون غبار، هادئة طبيعة الناس هنا في موريتانيا.