حين اعتذر المغرب عن عدم استضافة القمة العربية التي كانت مقررة على أرضه هذا الشهر، تحمست موريتانيا التالية في الترتيب الأبجدي لاستضافتها، وقال رئيسها محمد ولد عبدالعزيز: «سننظم القمة ولو في خيمة». وهو ما كان، إذ أعدت نواكشوط خيمة لعقد القمة، بعدما تعذرت إقامة قاعة مؤتمرات. وبدأت موريتانيا في استقبال الوفود المشاركة في القمة العربية أمس. وتبدأ الاجتماعات التمهيدية لمندوبي الدول الأعضاء وكبار المسؤولين اليوم، ثم تليها اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ووزراء الخارجية، تمهيداً لعقد قمة القادة السبت المقبل. ولدى وصولك إلى نواكشوط تسمع تكرار عبارات مثل: «اقبلونا كما نحن»، و «ارضوا بالقليل يا إخواننا»، في ما يبدو التماساً للعذر من ضيوفها ليتسامحوا مع إمكاناتها الضعيفة. لكن رغم هذا، يبدو أهل موريتانيا سعداء بالقمة، واستجابوا على طريق المطار للمطلب الذي دعت إليه مجموعة نواكشوط الحضرية شاغلي بناياته بطلاء منازلهم، واعتبروه الحدث الأهم منذ الاستقلال في العام 1960. وقالت المجموعة في تعميم أصدرته الأسبوع الجاري، إن الدعوة تشمل المنازل والمتاجر المطلة على شوارع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وجمال عبدالناصر والمختار ولد داداه وجون كينيدي والجنرال شارل ديغول. وأضافت: «نُكبر فيكم روح الوطنية والغيرة على كسب الرهان، حتى تبدو عاصمتنا في أجمل مناظرها وأبهى حللها». أهل شنقيط (الاسم القديم لموريتانيا) جندوا إمكاناتهم الضعيفة في ثلاثة شهور فقط ليجمّلوا بلدهم، وشغّلوا مطار أم التونسي الدولي تجريبياً قبل شهر من القمة. يحلم الموريتانيون بتأكيد عروبتهم، هم الذين انضموا إلى الجامعة العربية في العام 1970. تمسّك الموريتانيون بالقمة كما يتمسكون بعروبتهم. لسانهم العربي نقي ويهيمون بالشعر، حتى أن على زائر بلادهم ألا يفوت فرصة الاستماع إلى الشعر، ليس من الفطاحل وإنما من الناس العاديين، ما جعل صفة «بلد المليون شاعر» تلتصق بهم، هم الذين لا يزيدون وفق التعداد العام الرابع الذي أعلن العام الماضي عن أربعة ملايين نسمة، ثلثهم في العاصمة. ومع الشعر، يشكل حلم اكتشاف الذهب الوجدان الشعبي الموريتاني، إذ تشتعل حمى التنقيب عن المعدن الأصفر إلى درجة تصف بها طالبة جامعية موريتانية ضاحكة بلادها بأنها «بلد المليون منقّب». وتبيع متاجر عدة أجهزة التنقيب في السوق الحرة وسط العاصمة، ويصل سعر الجهاز إلى مليون و600 ألف أوقية (الدولار يساوي 350 أوقية). ويتركز التنقيب عن الذهب في منطقة أنشيري شمال نواكشوط، ويُباع الكيلوغرام منه في السوق بنحو 14 مليون أوقية.