قرر الرئيس السوداني عمر البشير إطلاق الحريات العامة والمعتقلين السياسيين ورفع القيود المفروضة على نشاط الأحزاب، ومنح قادة حركات التمرد ضمانات للمشاركة في الحوار الوطني الذي ينوي عقده في العاصمة الخرطوم. ورحبت قوى المعارضة الرئيسية بخطوة البشير غير أن أحزاب في تحالف المعارضة قللت منه، مشككةً بجدية الحكومة. وأصدر البشير قرارات لتهيئة المناخ السياسي لحوار وطني، خلال افتتاحه طاولة مستديرة ليل أول من أمس، في الخرطوم بمشاركة 83 حزباً. وتعهد بالسعي لإقناع الأحزاب التي ترفض تلك العملية السياسية بالانضمام إلى الحوار لاحقاً. وقال إن «غيابهم يتطلب من الجميع العمل على إقناعهم بالجلوس إلى طاولة الحوار». وأمر البشير حكومات الولايات والمحافظات السودانية بتمكين الأحزاب من ممارسة نشاطها السياسي بلا قيد ضمن إطار القانون، وتوسيع المشاركة الإعلامية للجميع وتعزيز حرية الإعلام ما يمكّن الصحافة من أداء دورها بإنجاح الحوار بلا قيد، سوى ما يجب أن تلتزم به من أعراف المهنة وآدابها. وأعلن البشير أمام ملتقى تشاوري مع القوى السياسية، إطلاق سراح أي موقوف سياسي لم تثبت عليه بعد التحقيق تهمة جناية في الحق العام أو الخاص. وأعلن التزام الحكومة واستعدادها لتمكين قادة الحركات حاملة السلاح من المشاركة في حوار جامع، متعهداً بتوفير ضمانات مناسبة وكافية لهم للحضور والمشاركة والعودة من حيث أتوا. وأشار إلى أن الحوار يناقش ويقترح حلول لتوفير عقد اجتماعي سياسي جديد ينهض بالأمة السودانية ويحقق لها أمنها وأمانها في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويؤسس لسلام مستدام يضمن مستقبلاً زاهراً لأبنائها ويحقق وحدتها الوطنية، ويعزز علاقاتها الدولية والإقليمية وجوارها الأقرب، خاصةً جنوب السودان. في سياق متصل، جدد الرئيس السوداني في كلمة ألقاها أمام البرلمان أمس، إنه «لن يكلّ أو يملّ من الدعوة إلى حوار يفضي إلى عدالة مطلقة في توزيع السلطة والثروة»، مشيراً إلى أن دعوته للحوار ما زالت مفتوحة بلا إقصاء. وأعرب عن أمله في توافق السودانيين على دستور يحقق أعلى درجات التوافق الوطني والاتفاق على برنامج وطني قائم على ضبط الإنفاق العام ويوفر خدمات التعليم والصحة للمواطنين. في المقابل، طالب رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي خلال الطاولة المستديرة، برفع الحظر المفروض على المنظمات الأجنبية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وباقي الوكالات الإنسانية لتمكينها من تقديم المساعدات للمتضررين في مناطق الحرب. كما دعا لرفع الحظر عن مراكز النشاطات الثقافية. إلى ذلك، طالب زعيم المؤتمر الشعبي حسن عبد الله الترابي، بالوقف الفوري للنار في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وفتح الممرات لإيصال المساعدات إلى المدنيين. وشدَّد على ضرورة تشكيل حكومة قومية لفترة انتقالية لمعالجة أزمات البلاد الشائكة. ودعا الترابي إلى إطلاق مزيد من الحريات وإتاحة الإعلام الخاص والعام للجميع. وطالب الترابي بدعوة حاملي السلاح في الخارج إلى الانخراط في حوار الداخل. ورأى أن ذلك يقتضي الاتصال بهم، وتوفير الحصانة لإقامتهم في البلاد وتأمين خروجهم في حال فشل الحوار، إذ إن اللقاء في الداخل أفضل من التفاوض في الخارج، مرحباً بقرارات البشير ومبادرته بالاستجابة إلى شروط بعض قوى المعارضة للمشاركة في الحوار، في إشارةٍ إلى إطلاق الحريات. واقترح الترابي إجراء الحوار الوطني السوداني تحت مراقبة دولية وإقليمية، إلا أن تحالف المعارضة الذي قاطع «الطاولة المستديرة»، تحفَّظ على قرارات البشير. وشكك الناطق باسم التحالف صديق يوسف، بجدية الحكومة وقدرتها على ترجمة قراراتها، ورأى أن مشاركة المهدي والترابي تضعف المعارضة، مشيراً إلى أن التحالف سيتحول إلى تيار جماهيري عريض يشمل تحالف متمردي «الجبهة الثورية».