أجمع المتحدثون في افتتاح «مؤتمر الاقتصاد الاغترابي» أمس برعاية رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في فندق «موفنبيك» في بيروت، على مطالبة «أهل السياسة» بتثبيت الاستقرار وإعادة تفعيل عمل مؤسسات الدولة، بعدما صمدت القطاعات الاقتصادية على اختلافها في وجه الأزمة الداخلية والأحداث الإقليمية، للنهوض مجدداً بفضل ما يملكه لبنان من مقوّمات داخلية وخارجية تتمثل بإمكانات مقيميه والقطاعات الناشطة فيه وبقدرات مغتربيه ومساهماتهم. واعتبر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه في افتتاح المؤتمر الذي نظمته مجموعة «الاقتصاد والأعمال»، أن الاغتراب «مصدر أساس لتمويل البلد من خلال تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج، ومثّلت تاريخياً بين 12 و20 في المئة من الناتج المحلي». وأكد أن الليرة «حافظت على قدرتها الشرائية بل تحسّنت قيمتها تجاه العملات الأوروبية والعملات العربية غير النفطية وعملات حوض المتوسط». وقال: «بهدف تعزيز الثقة باستقرار الليرة في وقت يعيش لبنان والمنطقة أحداثاً مربكة، يعمل المصرف المركزي على الحفاظ على موجودات مرتفعة بالعملات الأجنبية، وابتكر أخيراً هندسة مالية عزّزت موجوداته بالدولار بأكثر من ثلاثة بلايين، ما يعزز ملاءة لبنان بالعملات الأجنبية والثقة بالليرة». وأشار إلى أن هذه الهندسة «نتج عنها أيضاً مداخيل تساوي بليون دولار للمصرف المركزي وبليون للقطاع المصرفي». وأوضح أن المصرف «أصدر تعميماً للمصارف بضرورة قيد هذا المدخول الإضافي كمؤونات وليس كأرباح ضمن أموالها الخاصة، تحسباً لزيادة رؤوس الأموال عام 2018 تطبيقاً للمعايير المحاسبية الجديدة». وأعلن أن السندات بالليرة اللبنانية «التي خصمها المصرف المركزي بصفر في المئة أصبحت ملكه، وبالتالي سيستعيد الفوائد المدفوعة مسبقاً في شكل كامل وبالتساوي بينه والمصارف وفق آجال السندات المحسومة، لذا لن يتكبّد المركزي أي كلفة بل سيجني ربحاً». كما «لا توجد كلفة إضافية على الدولة نتيجة لذلك، لأنّ هذه السندات بالليرة كانت مصدرة وموجودة في الأسواق». ولفت إلى أنّ مصرف لبنان «حدّد المبالغ الممكن خصمها بالليرة بالمبالغ التي يشتري بها المصرف بالدولار سندات أو شهادات إيداع من محفظته». وأشار سلامه إلى أن الحكومة «قررت تخصيص بورصة بيروت، فيما تستعد هيئة الأسواق المالية لإطلاق منصة إلكترونية للتداول بكل الأدوات المالية، وسيكون ممكناً التعاطي معها في أنحاء العالم، ما يتيح للبناني غير المقيم الاستثمار في الأدوات المالية اللبنانية من أسهم وسندات حكومية وتجارية». وأكد رئيس اتحاد الغرف محمد شقير، «الصمود على رغم كل الأزمات الهائلة، وتعرفون أنّ لدى بلدكم مقوّمات ضخمة لا يمكن أي دولة في المنطقة أن تضاهيه فيها، ما يؤهله إذا ألهم الله أهل السياسة ومنوا علينا بالاستقرار، أن يحقق قفزات قياسية في عالم التطور والنمو والازدهار». وأعلن رئيس «إيدال» نبيل عيتاني، مستنداً إلى دراسة للبنك الدولي، أن لبنان «حلّ بين الدول العشرين الأولى في حجم التحويلات من المغتربين ب7.5 بليون دولار عام 2014. ولدى احتساب نسبة هذه التحويلات إلى الناتج، نجد أنّ لبنان هو من بين الدول التي تسجل أعلى هذه النسب في العالم والنسبة الأعلى في المنطقة». وشدد على «نسج رباط اقتصادي متين بين المغتربين ووطنهم الأم، يتجسد في تفعيل إشراكهم في الاستثمار في لبنان وتعزيز التبادل التجاري وصولاً إلى الاعتماد على توريد خدمات وصناعات لبنانية أو أجزاء منها في إطار مزاولة أعمالهم في الخارج». وقال رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل: «نطمح إلى خلق تكامل بين الصناعي المقيم والصناعي اللبناني الموجود حول العالم». ولم يغفل «الانتشار اللبناني الكبير المقدر ب 14 مليوناً في بلدان العالم، وهم يشكلون قوة استهلاكية كبيرة، لذا نطمح إلى خلق شبكة تعاون بين الصناعيين اللبنانيين وهذا الانتشار لتسويق منتجات بلادنا واستهلاكها، ويكفي أن يشتري كل واحد منهم منتجات لبنانية بما قيمته 100 دولار حتى تزداد صادراتنا 1.4 بليون دولار». وشدد الرئيس التنفيذي ل «الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، على أن «الاغتراب يحتاج إلى مبادرات وملتقيات كثيرة». وحضّ المسؤولين والقيادات على «وضع حدّ لعملية تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، بما يساعد على احتواء الضغوط الخارجية وتوفير الاستقرار الذي هو مفتاح الاستثمار».