تقدم دراسة قامت بفحص الجينات الوراثية لأكثر من 120 ألف شخص من أوروبا وآسيا وأفريقيا والأميركتين أوضح صورة حتى الآن للجينات المسؤولة عن الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، وحددت الدراسة أكثر من 12 جيناً وراثياً لها صلة مباشرة بالمرض. وتضع الدراسة التي نشرت اليوم في نشرة «نيتشر» الطبية نهاية للجدل الدائر منذ عقود طويلة في شأن العوامل الوراثية التي تؤثر على مخاطر الإصابة بمرض السكري الذي يصيب شخصاً من كل عشرة أشخاص على مدار حياتهم. وحددت الدراسة أكثر من 12 جيناً وراثياً لها صلة مباشرة بالإصابة بالفئة الثانية من المرض، والتي يمكن أن تصبح أهدافاً محتملة لتطوير علاجات. وقال مدير «المعهد القومي للصحة» فرنسيس كولينز، وهو واحد من أكثر من 300 عالم ساهموا في العمل «أثار جدلاً هائلاً حول هذا الأمر». وحددت دراسات سابقة أكثر من 80 نقطة على الخريطة الجينية للإنسان (الجينوم البشري) ترتبط بمرض السكري عند البالغين، لكن معظم هذه المشكلات الوراثية شائعة ما يعني أنها تحدث كثيراً بين الأشخاص ولا تفسر سوى نسبة ضئيلة من مخاطر الإصابة بالمرض. واستندت هذه الاكتشافات إلى دراسات معلومات الجينوم البشري، والتي تستخدم رقائق جينية لفحص آلاف الجينات في الوقت نفسه، واستخدم الباحثون ذلك لفحص الشفرة الوراثية (دي ان آي) لعدد كبير من الأفراد الذين يعانون من أمراض معينة ومقارنتها بالجينات الوراثية لمجموعات مماثلة من الأصحاء. ويقول المعارضون لهذه الطريقة ومنهم ديفيد غولدشتاين من «جامعة كولومبيا» إن مثل هذه الدراسات تمثل هدراً للموارد لأنها لم تتوصل سوى للعوامل مشتركة التي تفسر فحسب نسبة ضئيلة من مخاطر الإصابة بالمرض. وقال إن المحركات المهمة فعلاً لأمراض شائعة مثل السكري توجد بدرجة كبيرة على الأرجح في جينات نادرة تتواجد لدى أفراد أو أسر، وليس تلك التي يشترك فيها أعداد كبيرة من الناس. واتخذت الدراسة الجديدة نهجاً أكثر تعمقاً بفحص الشفرة الجينية الكاملة لعدد 2657 شخصاً من المصابين وغير المصابين بالسكري لتقييم مدى إسهام الجينات النادرة والمشتركة في مخاطر الإصابة. ووجدت الدراسة أن النسبة العظمى من غالبية المخاطر الجينية للإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري ترجع إلى أخطاء شائعة في الشفرة الجينية ويسهم كل خطأ في نسبة صغيرة من مخاطر إصابة الفرد. وقال كولينز إن «ما تقوله هذه الدراسة بشكل محدد عن مرض السكري هو أن الغالبية العظمى من هذه المتغيرات الوراثية هي الشائعة في واقع الأمر أما النادرة فتظهر أحياناً هنا أو هناك ولا يكون لها سوى إسهام ضئيل». وقال مارك مكيرثي أحد أبرز المشاركين في إعداد الدراسة من «جامعة أوكسفورد»: «يوفر هذا طرقاً واعدة لجهود تصميم أساليب جديدة لعلاج المرض والوقاية منه».